خرافة الدولة الفلسطينية

24062007

jalabikhales.bmp

بقلم خالص جلبي

في صيف عام 2007 تقاتلت فتح وحماس بكل حماس، من أجل خرافة دولة لم تولد بعد؟

وفي لبنان يقتل اللبنانيون بعضهم بعضا، بعد ولادة (فتح الإسلام) وهي أصابع مخابرات.. وبينهم وبين الإسلام مسافة الكوكب الجديد الذي اكتشف على بعد 20,5 سنة ضوئية..

وفي القرآن تمنى سليمان غلاما فألقي على كرسيه جسدا ثم أناب..

وحذر مالك بن نبي المفكر الجزائري منذ زمن بعيد من خرافة (الدولة الإسلامية) في الهند، فولدت باكستان لتتشظى إلى دولتين، وتولد بنغلادش، والحبل على الجرار.

وكان تحليل مالك بن نبي أن قيام دولة إسلامية في الهند، سيكون ضد انتشار الإسلام في القارة، فبعد أن بدأت تتحول إلى الإسلام، قوقعها المسلمون المغفلون إلى (جيب) من دولة خرافية، والله رب العالمين وليس رب المسلمين..

وحسب (النيهوم) فإننا نعيش محنة ثقافة مزورة، وندشن إسلاما ضد الإسلام.

ومبارك عوض داعية اللاعنف المقدسي نعى على (الأبوات = أبو نضال وأبو عنتر وأبو الجماجم) من الفلسطينيين طريقتهم في الخلاص، وأنهم مثل قابلة لم تعرف بعد علم التعقيم والتشريح، وأن اللاعنف مدرسة يولد فيها العقل، في عالم عربي ودع العقل منذ أيام ابن خلدون.. فانتبهت إسرائيل لخطره فحزمته في كيس، ورمته في أول سفينة خارج القدس، فكان مثل نبتة لم تجد تربتها..

وهناك أخ فلسطيني أرسل لي في عصر التيه والظلمات العربي يقول: إن أفكاري هي نجم القطب له، ولكن كل حدة إشعاع الشعرى اليمانية لا تعني شيئا لمن أصيب بالغلاوكوما؛ فأعشي بصره؛ فهو كفيف..

وفي صيف عام 2006م ظن العرب بعد خراب لبنان أن الله نزل فلبس قفطانا وعباءة في حزب، كما في عقيدة التثليث من اللاهوت إلى الناسوت. فتبين أن إيران في طريقها لالتهام الشرق الأوسط مثل فطيرة محشوة.. من قم إلى جنوب لبنان..

وهكذا فنحن في كل عام نفتن مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون..

وكان من الأجدى للفلسطينين أن يجروا في مجرى عرب 1948م فيصبحوا مواطنين في دولة ديموقراطية (من الداخل)، وينتشروا ديموغرافيا، لتتحول إسرائيل كما حصل في نظام (الآبات هايد) في جنوب أفريقيا، التي أصبح (نيلسون مانديلا) أول رئيس جمهورية فعلي لها، ويزول نظام الفصل العنصري.

وتعاون إسرائيل ونظام جنوب أفريقيا منذ القديم معروف، فتغير الأول وحافظ العرب على الثاني من حيث لا يشعرون..

وفي المقابلة التي روتها مجلة التايمز حين استعرضت المائة الأكثر تأثير في عام 2006م في العالم، جاءت وزيرة الخارجية الإسرائيلية (زيبي) منهم، سئلت عن والدها الذي كان من تنظيم (أرجون) المسلح كيف تفسر إرهابه؟ قالت كان وطنيا لقضية، سألوها: إذن الفلسطينيون الذين يقتلون الإسرائيلين بهذا المقياس وطنيون؟ أجابت على نحو غير متوقع؟ إذا قتلوا جنديا نعم فهم مقاومون؟؟

وهذه المرأة هي التي طالبت أولمرت بالاستقالة، لأنه كان سببا في مقتل بضع مئات من الإسرائيلين، فهذه هي قوة النقد الداخلي، وتشكلت لجنة لإحصاء الخسائر من غزو لبنان الفاشل.. في الوقت الذي كان نصر الله يحصي كل انتصاراته كما فعل صدام من قبل في هزيمة ثلاثين دولة بدون خسارة شيء، طالما كانت أموال الإيرانيين الفقراء، تصب في تشييع الناس، في ردة إلى عصر الفاطميين.. وفي ذهول عن تغير العصر وتبدل الأحوال

وفي عاصمة الوليد كانت عيون المخابرات التي تحصي طنين كل نحلة ودبيب كل نملة، ولا تأخذها سنة ولا نوم، تتناقش بحرارة عن النسبة المقترحة، لإعادة بيعة خليفة المسلمين القاهر لعباده بالجاندرما والمباحث.. ثم رأت أن أقل من حصة الزكاة غير مناسبة فخرجت 97,2% ويبقى للأمة حصة الزكاة ويزيد؟!!

وهي نكتة لا يضحك لها أحد، ولم تعرها الصحافة كبير اهتمام، فنحن في حالة تفسخ، لجثة أمة، تتناوب على افتراسها الحشرات فوجا بعد فوج..والموتى يبعثهم الله..

وقصة خرافة الدولة اشتغلت عليها منذ زمن طويل وودعت فكرة الدولة الإسلامية بعد أن رأيت أن أعظم مظاهر الظلم في التاريخ جرى تحت هذا الاسم..

الفلسطينيون يحلمون بدولة وعلم. والكشميريون يقاتلون للانفصال عن الهند من أجل تكوين دولة. و(خطاب) الذي قتل في الشيشان ومن بعده، يقودون حرب عصابات من أجل إقامة دولة إسلامية. والأكراد يحلمون بدولة كردية، وفي مناقشة على الهواء من محطة فضائية قال الكردي أنه لا مانع لديه أن يضرب بالعصي آناء الليل وأطراف النهار بيد مخابرات كردية على أن يعيش في ظل دولة غير كردية.

ودول الطوائف في الأندلس زادت عن عشرين بين بني (الأفطس) و(ذي النون) و(بني العباد) مما جعل الإمام (ابن حزم) يتبرأ منهم جميعاً. ويذكر قول الشاعر (ألقاب مملكةٍ في غير موضعها …. كالقط يحكي انتفاخاً صولة الأسد).

واليوم تبلغ الدول العربية أكثر من عشرين دولة، ومع كل زيادة في العدد يزداد التناقض والشقاق والنفاق، ويستفحل الوباء والغلاء والعناء والغباء، ويحجز المواطن العربي في مزيد من مربعات التخلف، وكل زيادة في الأرقام تعني نقصا فيها عكس قوانين الرياضيات.

وقديماً شكا بنو إسرائيل إلى موسى سوء الأوضاع وتمنوا الخلاص من فرعون، ولكن موسى اعتبر أن إزالة فرعون ليست حلاً للمشاكل بقدر من سيكون البديل.

« عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ».

وفي كتاب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) لـ (عبد الرحمن الكواكبي) أشار إلى ثلاث أفكار رئيسية تشكل مثلث الخلاص من الاستبداد:

1 ـ أن يكون (سلمياً بالتدريج)

2 ـ و(أن الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية)

3 ـ وأنه ( يجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ماذا يستبدل به الاستبداد).

وإلا كان على حد تعبير الكواكبي استبدال صداع بمغص والسل بالشلل.

إن استبدال فرعون بفرعون لا يتقدم في حل المشكلة إلا بإلغاء كل حل. فيتغير الأشخاص ويبقى الوسط مريضا كسيحا.

(والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا).

إن التحدي الأكبر ليس في الهدم بل البناء.

ومازلت أتذكر (آية الله منتظري) ـ وكنت يومها زائرا لإيران بمناسبة العام الثاني على الثورة ـ وهو يخطب بعد نجاح الثورة الإيرانية قائلاً: »لقد هدمنا بناية كبيرة وكل التحدي اليوم هو في إيجاد بناية أفضل ».

واليوم لم يبق منتظري وطالقاني وعلي شريعتي وثورة، بل أتوقراطية خانقة ودولة بوليسية، ورئيس دولة يتلمظ لصنم نووي، ويدعو لشن الحروب.

وهكذا فقد استبدلت إيران الإسلام بإسلام شاهنشاهي، والشاه بشاه يلبس عباءة ويطلق لحية ويحمل سبحة، كما جاء في فيلم مرملوك الإيراني، الذي ظهر لأسبوعين ثم اختفى.

إن القضاء على الشاه كان أول الطريق وأسهله، فهو عملية هدم لا أكثر، وكل التحدي هو في التخلص من وضع  » اللاشرعية » بإقامة الشرعية.

والقضاء على صدام كان الفصل السهل من المسرحية الأمريكية، واستئصال السرطان لا يعني بالضرورة عدم وجود انتقالات ورمية.

والتخلص من الإقطاعي السابق لا يعني استبداله بإقطاعيين جدد أكثر عددا وأظلم وأبطش كما حصل مع الثوريين البعثيين الذين يواجهون منكر ونكير المحكمة الدولية.. من حلس وميلس وآخر من شكله أزواج..

إن إزالة الظلم هي أقل من نصف الحل، ولكن كل الحل هو في إقامة العدل. وعندما يستأصل جراح الأوعية الورم الدموي لا يعني أن العملية انتهت، بل الأصعب فيها قد بدأ، بإعادة ترميم المنطقة بالكامل من خلال وضع الشريان الصناعي محل الورم المستأصل.

وفي كتاب (المقال على المنهج) لفيلسوف التنوير (رينيه ديكارت) اعتبر أن المهم في تغيير الأفكار ليس هدم البنى القديمة فهو سهل، ويجب الحذر فيه، بل وعدم البدء فيه، تماماً مثل الذي يعيش في بيت خرب قذر وتريد إسكانه الفسيح النظيف من البيوت.

يقول (ديكارت): لا تهدم بيته، بل ابن له الجديد، ثم خذه ليدخل البيت الجديد، وهو من تلقاء نفسه لن يعود إلى بيته القديم. من المهم إذن أن لا نهدم شيئا ليس عندنا بديل عنه؛ بل يجب أن نمتلك ما هو أفضل منه أو مثله على الأقل.

ويقول الجراحون هناك خمس قواعد فلسفية في الجراحة منها أن الجراحة تجرى إذا لم يكن عنها بديلا. وأن لا يدخل الجراح إلى وسط لزيادة الفساد فيه أكثر مما كان. كمن أراد أن يصلح تضيقا في المعي فقاده عمله إلى انسداد كامل مهدد للحياة.

وفي القرآن تقول آية النسخ أنه  » ما ننسخ من آية نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ». فالنسخ حالة تطورية نحو الأحسن وليس نكسا للخلف. فهذه قوانين وجودية ثقيلة، وهي تتنوع وصالحة للتطبيق في الكيمياء وعلم النفس والفيزيولوجيا والجراحة والفلسفة والعمران الإنساني والسياسة.

واستبدال وضع سيء بوضع سيء مثله أو أشد سوءً لا يعني شيئا، وعندما عُرض الملك على رسول الله (ص) رفضه لأنه لم يرد بناء دولة هرقلية.

والتخلص من دولة قمعية بدولة أشد قمعا هو مثل الفأر الذي استأجر لنفسه مصيدة. أو بتعبير (لينين) عن الرأسماليين الذين اشتروا حبل مشنقتهم بيدهم، عندما أرادوا التخلص من القيصر الروسي بالشيوعيين، وكان ذلك عندما شحن الألمان (لينين) في عربة قطار مغلقة إلى روسيا عبر أراضيهم مثل من ينقل جرثومة (الانثراكس) إلى عدوه بتصوره أنه سيقضي على الدولة القيصرية فجاء منه البلاء المبين، وهلكت القيصرية الألمانية وصعد نجم الشيوعية حتى حين.

والذي حصل أن لينين قضى فعلاً على عائلة (رومانوف) بدداً فلم يترك منهم أحداً بحفلة إعدام جماعية في (كاترين بورج)، ولكن الثورة الشيوعية اندلعت في وسط الفوضى، وخسر الغرب الرهان على (كيرنسكي) فكانوا في مرض، فانتقلوا إلى اختلاط للمرض أدهى وأمر. مثل من كان يعاني من الحمى فأصيب بانثقاب معوي، أو كان يعاني من سعال بسيط فتعرض لالتهاب رئوي قاتل.

وكلف هذا الحلفاء لاحقاً أن يحشدوا كل إمكانياتهم ليقضوا على السرطان الشيوعي عبثاً، وما حصل مع أمريكا وجماعات المجاهدين في أفغانستان يشبه هذا التورم الخطير، وكذلك في تسليح العراق، ففي النهاية انقلب السحر على الساحر.

ويكون الإنسان في ورطة فيخرج منها ليقع في ورطة ألعن. فهذه عظة التاريخ، ولقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى.

واليوم يحتفل الروس بنقل بقايا جماجم العائلة المالكة القديمة التي دفنت في مستنقع، ولكن عائلة (رومانوف) شطبت من ملفات التاريخ، وإلى الأبد، ودلفوا إلى مستودعات النسيان، كما حصل لمن قبلهم قرونا كثيرة، هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟

إن وهم الدولة أسطورة مضاعف مرتين كل منهما أشد خطراً من الآخر. الأول بتصور الانتقال إلى دولة جديدة مثل العبور من مفازة النار إلى الجنة، ووهم فكرة (الدولة الإسلامية).

ومنذ أيام (الخوارج) ادعى الناس أنهم يقيمون دولاً إسلامية، فليس أسهل من رفع الشعارات واغتيال الحقائق وتفريغ المضامين. كما حصل مع البعثيين بالثالوث المقدس. الوحدة والحرية والاشتراكية فأصبحت الخراب والديكتاتورية والطائفية.

ولم تعتبر الأمة وكل مدارس الفكر الإسلامية والمذاهب أن جهاد الخوارج كان جهادا، مع أن الخوارج أثاروا قضايا فكرية جديرة بالمناقشة مثل انتخاب الحاكم من الأمة ولو كان رأسه « زبيبة »، ولكن مشكلتهم كانت في التشدد والتكفير والعنف المسلح لقلب الأوضاع.

وهذا الميل المريض تشربته اليوم جماعات الإسلام السياسي اليوم، ومن الملفت للنظر أن الخوارج انعزلوا تاريخيا في الواحات البعيدة في الصحاري في الأطراف كما هو بين الطوارق في الجزائر والأباضية في مسقط.

واليوم نرى أشد العنف الإسلامي ينبع حيث يقل الفقه ويشتد الحماس. والخوارج لم يكن ينقصهم الحماس بقدر الوعي، فهذه هي كارثة العالم الإسلامي المعاصرة بالفراق بين الفهم والتقوى، وانفكاك النص عن الواقع والتاريخ.

استباح الخوارج دماء المسلمين باسم الإسلام، واليوم تحت اسم الحرية اغتيلت الحرية أضعافا مضاعفة، وترسخت الديكتاتوريات بأشجار باسقة في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين. وباسم الشعب خسف بالشعب. وعندما أراد البعض اغتيال فكرة القرآن رفعوا القرآن على رؤوس المصاحف في خديعة معاوية الكبرى، ومن المعروف في علم الكيمياء العضوية أن نفس المركب يتحول من ترياق إلى سم بقلب جذر الهدركسيل فيه. فيبقى الشكل كما هو والمفعول مقلوبا.

ويمكن تحت اسم (مسجد) أن يمارس الضرار والتفريق بين المؤمنين، وأن يتحول إلى بؤرة تحيك الموآمرات وشبكة تجسس مضادة، كما في قصة (مسجد الضرار) الذي تحصن فيه المنافقون فأمر النبي بهدمه  » والذين اتخذوا مسجدا ضرارا كفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون ».

ومازلت أتذكر خطبة الجمعة في فيرجينيا في أمريكا عندما شاركت في مؤتمر التعددية وقام خطيب أمريكي مسلم فحذر من خرافة الدولة وأنها يمكن أن تتحول إلى مصيدة لكل الفكر. وتحت هذا الوهم سقط في شراك العنكبوت من كل اتجاه زوجان.

وعندما اعتلى الإنقلابيون ظهر الحصان العسكري تحت إغراء إقامة (دولة) تحقق أحلامهم وطموحاتهم لم يروا سوى كوابيس وتشردا وقتلا. وعندما سئل (حارس سيلاجيج) عن البوسنة (الدولة الإسلامية) كان جوابه صريحاً وفي غاية الوعي والتألق : »نحن لسنا دولة إسلامية. نحن دولة علمانية تضم خليطاً من المسلمين والكروات والصرب تتعايش فيها كل الأقليات ».

إنه ليس أسهل من وضع خنادق نفسية أمام زحف الإسلام ببناء دول خرافية تحت أسماء إسلامية ليست بريئة تماما، ويمكن محاربة الإسلام باسم الإسلام، ويمكن لصدام أن يضع فوق علم العراق الله أكبر وليس شيء أكبر من صدام، أو بتعبير (النيهوم) (إسلام ضد الإسلام). فهذه خديعة يجب الانتباه إليها، وأن نبحث بدون ملل عن الحقائق، ولا نغتر بالشعارات أو الكلمات، التي وصفها القرآن أنها « كلمات ما أنزل الله بها من سلطان ». أي كلمات فارغة من رصيد الحقيقة مثل العملة الورقية المزيفة.

ويلفت نظرنا (روجيه غارودي) المفكر الفرنسي المسلم إلى هبوط مساجد فخمة ضخمة عملاقة، كأنها صرح ممرد من قوارير « بباراشوت » من السماء، في مدن العالم الغربي؛ فتثير هلعهم أكثر من إقبالهم، في الوقت الذي يمكن نشر الإسلام بمراكز إسلامية بسيطة متواضعة، تعتمد قوة الفكر، وحسن التنظيم، وفهم عقلية المواطن الغربي، وإتقان لسانه فلا بيان دون لسان « وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ».

وفي أفغانستان كان (كمال بربك) وهو الشيوعي الأحمر يتظاهر بأنه مسلم تقي نقي حتى مخ العظام، وعندما دخل (نابليون) مصر ادعى الإسلام وأصبح اسمه الحاج نابليون. فهذه قصص مهمة لأيقاظ الذاكرة على الحقائق.

واليوم أزالت أمريكا (حكومة) طالبان ووضعت دمية اسمها حامد قرضاي يتحرك بريموت كونترول، تحت دعوى إقامة حكومة ديموقراطية تعددية وباسم الحرية. ويحذرنا (نعوم تشومسكي) في كتاب كامل بعنوان (ردع الديموقراطية)، أننا يجب أن نفهم قانون التعامل مع القوى العظمى، وأنها عندما تنصر فريقا على آخر، تنصره بما يتفق مع مصلحتها، أكثر من مصلحة الفريقين المتصارعين، كما جاء في قصة القرد الناسك والقطين اللذين سرقا الجبنة فأرادا منه عدالة التقسيم، فاستقرت الجبنة في بطن القرد. وبالمقابل فإن هناك شريحة ترى أن حكومة طالبان ربما هي حكومة شرعية باعتبارها تنادي بالشريعة. ولكن الصراع الجاري في أفغانستان هو لم يزد عن صراع قبلي على السلطة، ولم يظهر هذا على السطح إلا حين تم طرد الروس، وهو التحدي الخطير الذي ذكرناه فيما سبق أن زوال فرعون ليس بشيء، ولكن من سيخلف فرعون؟ أو بتعبير الآية « ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ».

والنموذج الأفغاني ليس ذلك النموذج الذي نرفع به رأساً، وبلد من هذا النوع يفضل للمرء فيه أن يحزم المرء حقائبه ويفر منه.

وهذا يظهر مرة أخرى فكرة خرافة الدولة.

والخلاصة إن هذا الغرام بإقامة دولة مستقلة، أو دولة إسلامية وهم كبير، و (النميري) في السودان وتحت اسم الدولة الإسلامية أعدم مفكرا صاحب مدرسة مثل محمود طه لآرائه، مما جعل الترابي يقلب يديه على ما أنفق في الانقلاب العسكري ويقبع في إقامة جبرية إلى حين وكما يقول المثل العربي: « يداك أوكتا وفوك نفخ ».

وكان حظه أفضل ممن سبقه فما زال يحتفظ على برأسه بفضل الروح القبيلة السودانية الممتازة؟

وفي مصر قتل حسن البنا من وراء أعمال التنظيم الخاص، كما اغتيل صلاح البيطار بيد الرفاق من نفس أبناء الحزب الذين تربوا عل يديه.

ويقول مالك بن نبي أن مولودا لو خير أن يولد؟ هل سيختار أفغانستان فيمشي بعكازة خشبية أو يرى بعين واحدة. أو في اريتريا فيقتل في جبهات حرب بائسة. أو في بلد عربي فيقضي نصف عمره في أقبية الاستخبارات والنصف الباقي يرتعش خوفا على رزق عياله؟ أم يختار السويد حيث الضمانات؟ إنه سؤال ثقيل ومزعج ولا أحد يطرحه؟

ويحتفل العراقيون والسوريون ويهنيء بعضهم بعضا حينما ينال أحدهم الجنسية البريطانية أو الكندية. بعد أن لم يبق وطن ومواطنة، وبعد أن فروا من دولهم باتجاه العدالة والأمن والرزق، فهذا هو الوطن وهذه هي دولة الإنسان.

هذه المسألة أشكلت على الفيلسوف (محمد إقبال) مع ضخامة فكر الرجل وبعد نظره، حينما دعا إلى تكوين دولة إسلامية في شبه القارة الهندية، وهو النموذج المشوه الذي ولد مع باكستان في قطعتين من الأرض بينهما بعد المشرقين، لتتمزق إلى دولتين باكستان وبنغلادش، بعد أن بنيت على أنهار من دماء ملايين القتلى، في عملية جراحية دموية من أجل إرضاء غرور سياسيين من نوعية (علي جناح)، يتربع فيها على عرش السلطة، وتطبع صورته البهية على الأوراق النقدية، ويفرش بين قدميه السجاد الأحمر في المطارات، وأن يلقب في كل مكان سيدي سيدي أو بتعبير الإنجيل  » يعرضون عصائبهم، ويعظمون أهداب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع، والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس سيدي سيدي » .

إنه حلم قديم لكل السياسيين المغامرين من عشاق السلطة وبناة حكم الأسر الإقطاعية المسلحة.

لقد انتبه (مالك بن نبي) إلى هذه الولادة المشئومة بحيث اعتبر أن خلق دولة باكستان كان حاجزاً نفسيا أمام انتشار الإسلام في القارة الهندية، التي كانت في طريقها إلى التحول الإسلامي البطيء.

يقول (بن نبي) أن (تشرشل) كان في طريقه إلى تحقيق هدف ثلاثي من وراء خلق باكستان: (حصانة ضد الشيوعية) و(حاجز نفسي أمام انتشار الإسلام في القارة) و(كسر فكرة أي اتحاد هندي).

جاء في كتاب (وجهة العالم الإسلامي): » لقد استطاع الثعلب الهرم أن ينشيء في شبه القارة الهندية منطقة أمان، وبعبارة أخرى: حجراً صحياً ضد الشيوعية، ولكنه عرف أيضاً كيف يخلق بكل سبيل عداوة متبادلة بين باكستان والهند، وكان من أثرها عزل الإسلام عن الشعوب الهندية من ناحية أخرى، ولقد بذل هذا السياسي غاية جهده لتدعيم هذه التفرقة وتعميق الهوة بين المسلمين والهندوس، تلك الهوة التي انهمرت فيها دماء ملايين الضحايا، من أجل هذا التحرير الغريب، فكان الدم أفعل في التمزيق من الحواجز والحدود ».

وهي طريقة بريطانيا المعهودة عندما تغادر منطقة ما، أن تخلق فيها خراجاً مزمنا على صورتين، فإما خلقت وضعاً من العشق لا يقاوم لبناء دولة كما في مشكلة كشمير. أو بناء دول خرافية كما في دولة إسرائيل. بحيث تجعل المنطقة تغلي في هذا القدر قرونا وينطبخ فيها العرب واليهود معا. ولكنه داء أصيبت به بريطانيا في مشكلة شمال أيرلندا كما يقول المثل العربي رمتني بدائها وانسلت.

لقد أدرك غاندي خطورة التقسيم، وأن التفاحة نضجت كفاية لتسقط في اليد، وأن كل التحدي هو في بناء هند جديدة بعد التخلص من بريطانيا، واقترح أن يتولى علي جناح منصب رئيس أول جمهورية في الهند المتحدة، ولكن جناح كان يحوم فكره في اتجاه مختلف يسيل له اللعاب أكثر.

إن الغرام بالدولة قديم، وعشق القوة متأصل في القلوب، وفكرة الدولة تأسر القلوب بسحر لا يقاوم، ويظن المغفلون أنه مع بناء الدولة سوف يبدلهم الله بعد خوفهم أمنا وفقرهم غنى وذلهم رفعة، فحصدوا الديكتاتورية والفقر ومزيدا من التقسيم. وبنوا أصناما نووية أدخلت الفزع إلى كل بيت في القارة الهندية.

واليوم يحلم الأكراد بدولة كرمنجية، فيستبدلوا طاغوت عربي بطاغوت كردي ومغص بصداع.

وما حصل مع تقسيم القارة الهندية أنه كان عملية جراحية نازفة لولادة قيصرية مرعبة، فلم ينفصل كل المسلمون ـ لحسن الحظ ـ ويعيش اليوم في الهند أكثر من 100 مليون مسلم، كما لم يبق من انفصل في دولة واحدة بل انشطروا بسرعة إلى اثنتين باكستان وبنغلادش، بعد أن انتزعوا قلب مجيب الرحمن من صدره، والدور اليوم على باكستان أن تنشطر إلى دويلات، وبقيت قضية كشمير بدون حل معلقة غير مطلقة على شكل خراج مزمن كما أرادت بريطانيا لها قبل نصف قرن.

ووقعت باكستان في قبضة جنرالات قساة، من خلال سلسلة محمومة من الانقلابات العسكرية. ونضحك ولا نكاد نصدق اليوم أن باكستان التي أنفقت آخر مليم من جيبها لإنتاج صنم نووي خذلها في يوم الفصل.

والناس عادة يشترون السلاح ليفيدهم يوم الفصل، ولكن باكستان خافت على السلاح الذي صنعته يداها. فبدل أن يحميها السلاح تبين أنه يحتاج لحماية. إنها نكتة كبيرة لا يضحك لها أحد.

وينطبق هذا القانون على (الشيشان) وغيرها.

واليوم نرى الشيشان وقد تحولت إلى أنقاض ولا تحمل مقومات دولة، وتريد الانفصال لبناء دولة تشبه دولة الطالبان.

ألم يكن أجدى للشيشان أن يبقوا ضمن إطار دولة عظمى يستفيدون من مزاياها، ويمارسوا المقاومة المدنية في حال وقوع الظلم. كما بدأته النساء في أول الحملة الروسية، وتفاءلنا به، لولا انتقال عدوى المتشددين ووباء السلفية الجهادية مثل أنفلونزا الطيور إلى هناك.

هل الأفضل للإنسان أن يركب غواصة نووية روسية من نوع كيرسك أم حمارا في جبال القفقاس؟

إنه سؤال محرج مزعج ولكن قابل للطرح.

إن الأرض لله. والله رب العالمين. وحيث العدل فثم شرع الله. والعبرة ليست في قيام كيان سياسي يحمل ثوبا إسلاميا ويمارس الديكتاتورية. فهذا قانون جوهري في ممارسة النقد الذاتي، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

كما أن هناك علاقة بين النفس والآلة، وعندما يعمد الإنسان إلى السلاح فيستخدمه ويحل له السلاح الإشكالية يتحول إلى عبد له مرتهن في قبضته. وعندما يحل المشكلة بدون سلاح يتخلص من القوة مرتين وبالاتجاهين، فهو لا يفرض آراءه بالقوة، كما لا يخضع للآخرين تحت ضغط القوة، فهذه آلية هامة في تحرير الإنسان، وهو ما فعله الأنبياء بتربية الإنسان الجديد في التخلص من علاقات القوة.

وفي إضاءة هذه الفكرة عن مشكلة الدولة يمكن وضع مفاصل هامة في الصراع العربي الإسرائيلي.

1 ـ (أولا)ً: الصراع العربي ـ الإسرائيلي هامشي وجانبي والصراع العربي ـ العربي هو الجوهري والأساسي ظهر هذا واضحا في حرب الخليج الأخيرة عندما نسينا إسرائيل واصطف الجنود العرب بجانب الأمريكيين.

2 ـ (ثانياً) إن التخلص من الحكم الإسرائيلي لا يعني شيئا، إذا تم استبداله بما هو أسوء.

واستبدال طاغوت صهيوني بطاغوت عربي لا يزيد الأمور إلا سوءً.

وهذا الشيء يصعب تصوره ولكنه وارد.

وقيام إسرائيل بالأصل لم يكن إلا نتيجة طبيعية وتحصيل حاصل لانهيار الجهاز المناعي العربي، وهذا الجهاز لم يتعافى بعد، وفي جعبتنا الكفاية من أسلحة التدمير الذاتية، وعدم احترام بعضنا البعض، أو التآمر على بعضنا البعض، أو الغدر ببعضنا، فنحن نعيش أزمة ثقة مروعة.

وهذا هو السبب في وجود الديكتاتوريات في المنطقة بسبب فقد (قدرة تقرير المصير) عند الأمة، مما جعلها مستباحة، يمكن أن يعلو ظهرها أي مغامر جريء أو انقلابي لا يتورع عن سفك الدم. كما جاء الأسد وصدام والنميري والقذافي والسادات، وآخر من شكله أزواج، من الانقلابيين المغامرين، فالمشكلة ليست في هذا البعوض التعيس، بل المستنقع الذي يشجع تفريخ هذا النوع السام من الحشرات.

واستمرار الأوضاع يعني أن الأزمة قديمة ومستحكمة وعميقة جدا بحيث تصلبت مفاصل العمل السياسي.

وحتى يمكن للأمة أن تمشي وتتحرك على نحو طبيعي أمامها معالجات فيزيائية مكثفة، وعمليات ترميم وتصليح متواصلة لكل الأجهزة المعطلة عن العمل، كما يحصل مع مريض معتل بعلل مختلفة.

وهناك الآن حرص على بناء دولة فلسطينية ولكن يجب أن نضع في الحساب أن الإنسان الفلسطيني يمكن أن ينتقل من سجن إلى سجن أبشع، ومن عبودية إلى عبودية مع تبديل السلاسل والسيد.

وخلال نصف القرن الفائت قامت ثورات حاولت بكل إخلاص نقل الأمة إلى التحرر فتكبلت الأمة أكثر، ونحن اليوم نعاني من نقص العافية أكثر مما كنا عليه قبل خمسين عاما؛ فالعالم يتقدم ونحن نتراجع.

وفي الوقت الذي تضاعف دخل الكوري الجنوبي 13 ضعفا تراجع دخلنا 13 مرة بموجب إحصائيات المؤرخ الأمريكي (باول كينيدي).

3 ـ (ثالثاً) إن أمامنا خيار أن نكون في حالة (لا حرب ولا سلم). كما لو دخل رجل فاحتل بيتا في حارة وقاطعه أهل الحي لحين حزم حقائبه والانصراف بسلام وبدون ضرب وحرب، بحيث نحول الورم الصهيوني كما يفعل الجسم بضرب نطاق حوله (محفظة Capsule)، والفرق بين الورم الخبيث والحميد أن الأخير محاط بمحفظة كاملة.

وفكرة مقايضة الأرض بالسلام معناه حسب التعريف الطبي السابق أن الجسم يكسر المحفظة من أجل السماح للورم بالانتشار في الجسم.

والعرب ليس عندهم مشكلة نقص في الأراضي، وفكرة السلام مع إسرائيل قاصرة، وهناك احتمال واحد للسلام، عندما تتغير طبيعة الورم الصهيوني من السرطانية إلى الورم السليم.

ويجب استيعاب حقيقة مرة أن إسرائيل اليوم هي رأس حربة العالم الغربي، فهم من زرعها وتعهدها بالسقاية والسماد ومازال، وهذه حقيقة ثقيلة، أننا نواجه العالم الغربي في صراعنا وليس دولة إسرائيل، رأينا ذلك واضحا بمدها بالجسر الجوي في ساعة العسرة.

ومراجعة بسيطة في كتاب (خيار شمشون) لـ (سيمور هيرش) تعطيك النبأ اليقين عن الغرب الذي مكنها من تطوير السلاح النووي وملحقاته من الصواريخ.

لقد تغير العالم ولم يعد كما كان سابقا في مواجهات الحروب الصليبية عندما كان يواجه طاغية طاغية، بل تحول اليوم إلى طاغية يواجه مجتمعا غربيا تغيرت طبيعته كلياً يحكم بإدارة جماعية أحكمت قبضتها على العالم بتكنولوجيا متقدمة ومؤسسات علمية ومصارف من المال تحوي أكثر من مال قارون.

4 ـ (رابعاً) وهناك من يعترض أن إسرائيل لن ترضى بهذا الوضع ولسوف تحاول الامتداد إلى الجوار ولذا يجب التسلح وإنفاق المليارات في الأسلحة المتطورة. ولكنها مصيدة فالسلاح من الغرب، ولا يعقل أن يبيعك خصمك سلاحا تستطيع أن تتفوق به عليه، طالما لم نتمكن حتى الآن من بناء القاعدة العلمية لامتلاك التكنولوجيا المتطورة.

وفي كتاب (اليابان تقول لأمريكا لا) بقلم (شينتارو أيشيهارا) نعرف أن التكنولوجيا النووية لأمريكا متوقفة على الميكرو شيبس المصنوع في اليابان.

والارتهان للسلاح المتطور ورطة، ويمكن أن يدمر خلال الساعات الأولى من أي مواجهة، وهو ما رأيناه في المواجهة بين الدبابات العراقية ت 72 وأبرامز الأمريكية في حرب 1991م .

وفي جنوب لبنان لم تهزم إسرائيل بأسلحة متطورة وجيوش نظامية بل بأسلحة فردية وحرب عصابات، وخروج إسرائيل أيضا عليه إشارة استفهام بهذه الطريقة، كما أن من نجح ضد إسرائيل على فرض نجاحه لايعني أنه سينجح في لعبة الديموقراطية فلا يستويان مثلا.

وإسرائيل غير حريصة على اجتياح الجوار، ولقد جربت حظها عام 1982 في دخول بيروت وتراجعت، وكذلك في صيف عام 2006م.

واليوم ينتقل كل الصراع مع الجيوش العربية والجيران إلى داخل إسرائيل. ويجب أن نعترف أن المواطن العربي اليوم يستطيع تحت الحكم الإسرائيلي أن يخرج في مظاهرات، ويكتب ما يشاء، وينظم الأحزاب، ويضرب بالحجارة، ولكنه في العواصم العربية عاجز عن أي تظاهرة، بآلية مزدوجة من الخوف المتبادل، فلن تكون المظاهرة سلمية، والقمع سيكون دموياً من خلال عقلية عنفية مسيطرة على الطرفين.

ولولا الحضور العالمي ما تغيرت المنطقة العربية.

وهذه حقيقة بغيضة ولكنها حقيقة. ولا ينطق بها إلا قليل.

5 ـ (خامساً) بين أيدينا تجربة جنوب أفريقيا تقول أن النظام العنصري مات في النهاية، وحكمت الأكثرية السوداء، وجاء منديلا من السجن إلى الرئاسة، وهذا الشيء يمكن أن يحدث في فلسطين، وحسب دراسات (عبد الوهاب المسيري) سيشكل عدد الفلسطينيين ديموغرافياً الغالبية في المجتمع الإسرائيلي عام 2050 م، ولكن الكلام في هذا الموضوع حرام.

ونحن نرى اليوم عرب 48 يدخلون الكنيست ويشكلون الأحزاب ويعترضون ويتظاهرون. بل إن بعض الإحصائيات أظهرت رغبة بعض الأقليات العربية عدم الانضمام إلى البلدان العربية، وتفضيل البقاء في إسرائيل حيث الرعاية الصحية وضمانات العمل والتعليم واحترام الإنسان. رغم التفريق العنصري، فالمسألة درجات كما نرى.

إنها حقائق فاجعة ولكنها حقائق. وهو مؤشر عميق على أزمة الأمة الحضاري.

6 ـ (سادساً) لقد جربت الأنظمة العربية خوض حروب نظامية ضد إسرائيل انتهت في معظمها إلى كوارث، واليوم مع السلاح النووي لا يبقى في المنطقة إلا (خيار شمشون)، بمعنى أن الحرب انتهت بامتلاك سقف القوة، وأي مقاومة مسلحة داخل فلسطين سيكون حظها أضعف من حظ الأنظمة العربية في النجاح، مما يؤكد خيار المقاومة المدنية.

ويجب التفريق بين حالتين: الجنوب اللبناني حيث نجحت المقاومة المسلحة ضد أفراد غرباء يعيشون وسط أمة ولا يعتبرونها أرضهم، وبين أمتين متداخلتين في الجوار كما هو حاصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين مما دعا ياسر عرفات في يوم تشبيه الوضع في جمعية الأمم المتحدة في خطابه المشهور أنها حالة تشبه تلك التي عرضت على النبي سليمان حينما ادعت امرأتان ملكية ولد واحد فاقترح أن يقطع الغلام إلى نصفين وتعطى كل أم شق منه. فصرخت الأم الحقيقة إنه ليس ولدي لا تقطعوه. فما كان من صاحب الحكمة نبي الله سليمان عليه السلام إلا أن أعطى الأم المشفقة الغلام.

وأمامنا الآن النظر في هذه المسألة من جديد للتفريق بين الحكومة الدينية والحكومة المدنية، ونعرف من التاريخ أنه في شتاء 1979 م انفجر الطلبة في فبراير (بهمن) من عام 1979 م بالثورة الإيرانية ضد الشاه فقمعها بكل سبيل ولم يفلح. وأسس الخميني دولته الدينية.

وفي يونيو 2003م انفجر الطلبة في طهران بمظاهرات ضد الحكومة الدينية فتم قمعها كما فعل الشاه من قبل. هذه المرة باسم الدين. واعتبرت الحكومة الدينية أن أولئك الطلبة مارقون يحاربون الشريعة. وفي لحظة تحول من قاوم الاضطهاد إلى جلاد.

وهذا الانقلاب في الأدوار سنة كونية. كما في قصة طالوت وجالوت. واليوم يمثل دور داوود صبي الانتفاضة. وجالوت التنين النووي الإسرائيلي.

وبقدر اضطهاد المسيحيين في الكولسيوم في روما وحرقهم وإلقائهم إلى الأسود. فقد فعلت المسيحية بخصومها ما هو أفظع مما فعلته روما بالمسيحيين.

وهذا القانون النفسي يقول إن جرثومة الاضطهاد تنقل عدواها من طرف إلى طرف. بحيث يتم تبادل الأدوار من حيث لا يشعر أتباع الأنبياء ومقلدي الأفكار العظيمة. ولعل أعظم فتح وصلت إليه الديموقراطيات الحديثة هي وجود المعارضة والحكم في نفس الوقت تتبادل نقل السلطة السلمي. مثل دعسة البنزين والفرامل في السيارة.

وأعظم ما فعله الآباء الأمريكيون أن حددوا فترة الرئاسة أربع سنوات ولا تزيد عن مرتين ولا عودة بعدها. مقابل سبع سنوات في الشرق المنكود تتكرر حتى موت الرئيس أو اغتياله.

واليوم تشكو المعارضة العربية من سوء حقوق الإنسان تحت بعض الأنظمة ولكن لو كانت محل الحكومة فلن تتغير الصورة. فهذه قوانين اجتماعية مثل الضغط الجوي وتبخر الماء بالحرارة.

وعندما نجحت الثورة الإيرانية فإنها لم تقل للناس اذهبوا فأنتم الطلقاء بل استفتحت العهد الجديد بسلسلة لا نهاية لها من الإعدامات خلدها الخلخالي بمنظره الكاريكاتوري في محاكم هزلية باسم الشريعة .

وفي فبراير من عام 1981 كنت في زيارة لطهران بمناسبة الذكرى الثانية للثورة فسألت إبراهيم يزدي عن الإعدامات التي لا تنتهي فاعتبر سؤالي (رأسماليا) مضادا للثورة.

وقبل سقوط تشاوسسكو بأربعة أيام كان في زيارة طهران. وهكذا طرد الشاه من إيران ثم عاد فدخل بعباءة وقفطان ولحية.

وفي السودان نجح الترابي في إقامة خلافته الدينية ولكن الحصان العسكري الذي جاء به إلى السلطة جمح به فكاد أن يدق عنقه. وقد كتب الآن مخطوطة كبيرة في السياسة والحكم في الإسلام بأن الحريات هي أم القضايا بعد أن قضى على الحريات؟

وفي أفغانستان حكم الطالبان فوأدوا المرأة وقتلوا المخالف وحطموا الأماكن الأثرية بدعوى الأصنام ومشى الناس على رؤوسهم إلى الخلف. كل ذلك تم باسم الحكومة الدينية.

وفي العراق كتب صدام على العلم العراقي الله أكبر ولم يكن في العراق من إله إلا صدام. وهو أمر صادم ولكن هذا ما يقرره القرآن، فيوسف قال لمن كان معه في السجن اذكرني عند ربك، ولم يكن سوى نظير صدام.

ومن لم يصدق هذه الحقيقة الصادمة فليجرب حظه في أي عاصمة عربية أن يتعرض لرئيس البلد ثم الله، ليعلم أيهما أسرع في أن تمتد إليه يد المخابرات بالاعتقال والضرب والإهانة.

فهذه تجربة ميدانية لنعرف الله الحقيقي، والوثنية الفعلية التي دلف إليها العربان في عالم الأوثان.

وفي الجزائر ذبح أكثر من مائتي ألف بالسواطير والسكاكين بدعوى الجهاد لإقامة حكومة دينية.

وعندما نشب الصراع بين محمد ذي النفس الزكية وأبو جعفر المنصور ساق كل طرف كل الأدلة العقلية والقلية أنه صاحب الحق في الخلافة. والذي حسم الصراع كان السيف فكان أصدق من كل الأدلة العقلية والنقلية.

وفي سوريا تم توزيع منشورات سرية بفتوى من ابن تيمية بجواز قتل النصيرين بأي سبيل فهذا أقرب للتقوى. مما دعا السلطة إلى إصدار بلاغ بإلقاء القبص على ابن تيمية؟

وفي عام 1980 جرت محاولة لاغتيال رئيس الجمهورية في سوريا مما جعل النظام يتورط في قتل ألف معتقل سياسي وهم في عنابر السجن فهذا أدعى للأمن.

وكما نرى فالكل يستحم في نفس العين الحمئة من نجاسة الدم المسفوح.

كل هذا الصراع يدور حول تأسيس الحكومة الدينية، ولكن هل الحكومة المدنية تتعارض مع الإسلام؟

وهل أثبتت الحكومات التي رفعت الشعارات الدينية جدارتها ونجاحها في عالمنا المعاصر؟

وهل الحكومة الدينية هي الحل لمشاكلنا الإنسانية؟

هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة تاريخية وسير في الأرض لرؤية المكاسب والخسائر التي جلبتها للناس. فمن الواضح رؤية المشهد الدامي عبر العصور لأتباع الأنبياء وهم يتقاتلون وكل حزب يريد إقامة حكومته الدينية. ويدعي أن كل ما عداها باطل يجب محوه.

ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد »

لماذا يقتتل أتباع الأنبياء؟

في البداية كان الناس يقتتلون على الطعام والمال والأرض والنساء. والقرآن يذكر أول حادثة قتل في تاريخ البشرية لأنه لم يُتَقَبل منه قربانه. فالسبب هو الإحباط والنقمة لما نزل به من فضيحة دينية حيث كشف عدم صدقه في التقرب إلى الله. وأن شعاراته الدينية كانت هزيلة وزائفة. وكثير من الدول المستكبرة الآن على مذهب قابيل ترفع الشعارات الطيبة وأحياناً الدينية وتقتل من يحاول كشف زيفها.

ثم جاء بنو إسرائيل وأقاموا دولتهم الدينية على الجماجم والدماء وصوروا إلههم أنه الجبار الدموي الذي لا يرتوي إلا بحصد دائم للبشر. وحتى سليمان يخدم ربه بهذا الأسلوب « فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها »

وجاء عيسى فتبرأ من كل هذه المجازر ونادى بالحب والتزم أتباعه في البداية بالحب والرحمة وبشروا أن مملكة الرب في السماء. ولم يهتموا بإقامة حكومة دينية على الأرض. إلى أن جاء قسطنطين وعقد مجمع نيقية لعلماء النصارى. ثم أصبحت النصرانية التي حددها المجمع هي دين الدولة وكل ما عداه خارج على الدولة ويجب تصفيته ومنها فرقة آريوس. وأصبح الناس يقتُلون ويُقتَلون باسم الحكومة الدينية.

وقصة أصحاب الأخدود مثال على ذلك من تحريق الناس في نجران.

وجاء الإسلام وأنشأ دولته في المدينة وكانت دولة راشدية هي الحكومة الدينية الأولى التي لم تقتل الناس من أجل دينهم وأفكارهم. ومع ذلك فقد قتل اثنان من الراشدين أي نصفهم ربما بسبب الاختلاف القبلي.

وكانت الفتوحات في البداية حرب تحرير للإنسان من الظلم. ثم دخلها الطمع في الغنائم. ثم انفجرت الحروب الصليبية لتعرض علينا مقدار شناعة الحروب الدينية وأن تحت الشعارات الدينية مطامع دنيوية كبيرة. ولكن أتباع الأنبياء كانوا يظنون باستمرار أن الله يأمرهم أن يقاتلوا الآخرين ويفنوهم من الأرض كي يمنحهم أرضهم وديارهم وأموالهم مكافأة ومغانم.

فهل أمر الله فعلاً بتصفية الكافرين؟

لماذا قال لنا إذن « لا إكراه في الدين »؟

لا بد من دراسة آيات القتال في القرآن دراسة تاريخية ضمن ظروفها وملابساتها فلكل مقام مقال، ولكن العالم الإسلامي يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض؟ لأنه عجز عن هذه الرؤية التاريخية. فهو يلغي « لا إكراه في الدين » و »ادخلوا في السلم كافة » و »كفوا أيديكم » و »كلا لا تطعه واسجد واقترب » و » فاعفوا واصفحوا » و »ادفع بالتي هي أحسن » و »لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ».

والقرآن يقول إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون » ويقول « وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه » ويقول لمحمد ص « وان احكم بينهم بما انزل الله ».

هل يعني ذلك إقامة حكومة يهودية لليهود ونصرانية للنصارى ومسلمة للمسلمين؟ وكيف يمكن أن يحدث هذا في بلد واحد يضم مواطنين من الأديان الثلاثة؟

إن تاريخ أوربا منذ الحروب الصليبية حتى الآن يعرض باستمرار الحروب الدينية بين المذاهب المختلفة وحتى في الدين الواحد. وانظر إلى ما جري حتى الآن بين بريطانيا وايرلندا. فكل طرف يريد أن يجعل الحكم لمذهبه وكل حزب بما لديهم فرحون. والآخر هو الشيطان.

والصرب انتقموا مما فعله الكروات بهم عام 1941م حين قتل ثلاثمائة ألف من الصرب. فهل يعقل أن ينزل الدين من السماء ليكون سببا دائماً للقتال بدلا من أن يكون رحمة للعالمين؟

من الواضح أن المآسي علمت الشعوب الأوربية أن تعيد النظر وتفكر في مصالحها وما ينفع الناس بعيدا عن المذاهب والنعرات الدينية. وتركت لكل إنسان حريته في الإيمان بما يشاء من الأديان.

ولكن المتحمسين من المسلمين يقولون: لكن الحكومة الإسلامية مختلفة عن ذلك إنها ترفع الظلم عن الناس وتمنحهم الأمن والعدل؟ والسؤال من هي الحكومة الإسلامية؟ أهي السلفية أم المذهبية؟ أهي السنية أم الشيعية؟ أهي التي ظهرت في بنغلادش أم أفغانستان وإيران؟ أما من سبيل لإيقاف هذه المآسي والمجازر التي ترتكب باسم الدين وطلبا لرضى الله. وكل ما يجري في العالم الإسلامي يقول كل حزب بما لديهم فرحون. ولكن الله غير حزبي ولا يتحزب.

ولا بد من الانتباه إلى أن الحكومة المدنية تسمح بالمعارضة وبوجود أحزاب متعددة تقدم أكثر من رأي حول الموضوع. أما الحكومة الدينية فإنها تعتبر المعارضة والاختلاف معها خروجا من الدين وكأن الذي يعترض عليها يعترض على الله. لأنها تعتبر نفسها تمثل حكم الله. وفي قول للرسول ص وهو يوصي الصحابي أن « لا ينزلهم على حكم الله بل على حكمه فإنك لا تدري هل يوافق حكمك حكم الله »

سيقولون الله أمرنا بأن نحكَّم شرع الله؟ حسناً ولكن ما هو « ما أنزل الله؟

إنه « لا إكراه في الدين » فهذا الآيات وأمثالها تمثل مباديء قرآنية يسميها علماء الشريعة مقاصد الشريعة. وهي مباديء لا يرفضها أحد من الناس مهما كان كافرا. فلماذا لا يدعى الناس على اختلاف أديانهم إلى حكومة تتبنى هذه المباديء ويتولى شئونها مخلصون متخصصون في السياسة والاقتصاد والاجتماع والصحة النفسية والجسمية. وتكون الحكومة مسئولة ومحاسبة أمام شعبها عن صلاحيتها وأحكامها. ويترك كل إنسان ليختار من الأديان ما يشاء مع ضمان حرية الرأي وحرية الدعوة للأديان.

إن الحكم بهذه المباديء سيكون حكما بالإسلام وبكل الأديان السماوية.

إن دارس قصة الحضارة يتأمل في المذاهب والأديان التي تتالت على البشرية فيجد أنها اتفقت على أساس كبير واحد أن « تحب لأخيك ما تحب لنفسك؟ » والإسلام قال: يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم. أي أن نكون جميعا سواء و لا يكون أحد منا فوق القانون.

قالوا باستغراب ولكن أهل الكتاب هم أهل ذمة وعليهم دفع الجزية « حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون » وهنا مشكلة كبيرة نعاني منها وهي العجز عن الخروج عن القوالب التاريخية التي فات أوانها. وأن هناك آيات تمثل حالة (الطواريء) كما دفع العراق تعويضات اجتياح الكويت عن يد وهو صاغر. وكما فعل القذافي بعده، وهناك من العلماء العاصرين من تكلم عن الموضوع وقال:لم يعد هناك أهل ذمة وأصبح الجميع مواطنين لهم حقوقهم ويدفعون الضرائب لتحقيق الضمانات لهم لرفع مستوى بلدهم ».

إن أجمل تعريف للشريعة وضعه ابن قيم الجوزية حينما اعتبر أنه » فحيث العدل فثم شرع الله » وعندما نرى محاسبة توني بلير من مجلس العموم البريطاني في صيف 2003م على التورط في حرب العراق بمعلومات كاذبة في الوقت الذي يستعطف مواطنون عرب حكوماتهم أن يمنحوا أولادهم من الجيل الثالث جوازات سفر يصبح السؤال الجدي أين شرع الله؟ إنه سؤال مزعج ولكن لا بد منه؟

 




ماذا بعد اتفاق مكة؟؟

18062007

hamasmichaalmilitariserenfant.bmp

كنت أتابع اتفاق مكة بأسف كبير على ما وصلت إليه النخب السياسية العربية من تسطيح في الممارسة السياسية. وكنت أعلم علم اليقين أن توقيع الاتفاق في أرض طيبة مقدسة لن يضيف شيئا للقضية ولكنه حتما سيزيد من استهانة المسلمين بالمقدسات وامتهان الحرمات.

ترى بعد أن فشل اتفاق مكة هل ثمة أمل في أن تنجح اتفاقات أخر في أماكن أقل قداسة؟ لقد نسي الذين استبشروا بقدسية المكان ونسوا المعطيات الواقعية أن الذين جاؤوا يستظلون بالحرم المقدس لحقن الدماء جاؤوا متقاتلين من حرم مقدس آخر وهو أرض الإسراء؟ لن نلقي محاضرات في العمل السياسي ولكننا سنذكر بجملة من مبادئه وأبجدياته :

المبدأ الأول: السياسة فن إدارة الخلاف بوسائل سلمية وإذا لم تنجح السياسة فلا محالة من الحرب والصراع والحسم بالقوة.

المبدأ الثاني: النيات الطيبة لا تكفي في العمل السياسي ولهذا فالبسملة والدعاء والمكان المقدس أمور لا تكفي إن لم تمارس السياسة بمعطيات الواقع وإكراهاته.

المبدأ الثالث: بين السياسة والقذارة والسفالة شعرة رقيقة فإذا قتل الأبرياء ومزق الوطن من أبنائه فهي القذارة بلا شك وهي الضآلة والهوان والمصيبة.

طيب ما الذي غاب عن اتفاق مكة لكي ينقض هذا النقض الذريع وتنتهك حرمات الدم الفلسطيني وتشوه القضية المقدسة الأولى للمسلمين بل ولأحرار العالم المتمدن والمتحضر؟

الجواب عن هذا السؤال لا يحتاج إلى كبير تنقيب لقد التقى أبو مازن (رئيس فتح ورئيس السلطة) مع كل من خالد مشعل (رئيس مكتب حماس) وإسماعيل هنية (ممثلا لحماس في الحكومة وممثلا منتخبا عن الشعب الفلسطيني) فكان الغائب الفعلي عن اللقاء هو الصراحة والوضوح والمعطيات وبرزت للواجهة خطابات المجاملة والوعود الطيبة والتي لا يمكن بحال أن تقيم عملا سياسي

لقد كان الغائب الأول عن لقاء مكة هو المحاسبة فلقد تسبب الاقتتال بين حماس وفتح حينها في قتل الأبرياء من أطفال مدارس وشيوخ ولم نسمع مشعل ولا هنية ولا عباس يقدمون عناصرهم للمحاكمة بل ولم نسمع اعتذارا من حماس ولا فتح للأسر المفجوعة والتي ذهب أبناؤها برصاص فلسطيني فلم تشمخ بشهادة (وهم كذلك إن شاء الله) ولم تحظ بفرصة للحياة. لم يحاسب الجناة بل رأيناهم يخطبون ويتكلمون ويسافرون وكأن شيئا لم يقع. لقد أكد هذا الواقع لدينا بان التيارات الإسلامية والقومية في العالم العربي تعكس مستوى الوعي بحقوق الإنسان وكرامته داخل المنظومة الفكرية العربية. ترى هل يمكن للجلاد ان يجد حلا لضحيته سوى الذبح؟ فليبشر الشعب الفلسطيني بالذبح فهو قادم.

إننا نتصور أن خالد مشعل وهنية قد فقدا فعلا السيطرة على المسلحين في قطاع غزة وسواء أراد مشعل ام كره فإن القيادة الميدانية لم تعد مرتبطة ارتباطا وثيقا بقيادتها والدليل على ذلك المعطيات الآتية:

تثبيت أعلام حماس على مقرات السلطة الفلسطينية كمبنى المخابرات ومقر الأمن الوقائي وهي عملية ساذجة ستفقد حماس العمق الوطني وتبعد عنها الفصائل المحايدة والتي لن ترى في العملية سوى استعراض للقوة من قبل حماس ورغبتها في السيطرة على مصير الشعب الفلسطيني كله وكأن سذاجة الحمساويين تقول إن الوطن هو حماس وحماس هي الوطن. لقد أظهرت عملية تثبيت الأعلام أن الذين قاموا بالهجوم لا يتمتعون بدرجة كبيرة من الوعي السياسي ولا تؤطرهم رؤية سياسية متكاملة واستبعد أن يكون مشعل أو هنية وراء الإذن بالهجوم لما يتمتع به الرجلان من حكمة ووعي سياسيين وإن كانت تنقصهما الشجاعة والصراحة اللازمتين لإعلان نقد ذاتي ومد اليد لحركة فتح وللرئيس أبو مازن من جديد ولو اقتضى ذلك القطع مع العناصر المتمردة من المسلحين.

توجد شهادات ميدانية تثبت انتهاك المسلحين لممثلية الوفد الأمني المصري حيث تحدث رئيس الوفد الامني المصري برهان حماد للمسلحين بان رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل منحه كلمة لحماية من يلجأون الى مكتب الممثلية، لكن المسلحين ردوا قائلين انهم لا يأخذون اوامرهم من مشعل بل من قيادتهم في قطاع غزة. والواضح أن القيادة السياسية لحماس ليس من مصلحتها قطعا توتير العلاقة مع مصر والتي كانت دائما محضنا لحماس وباقي الفصائل الفلسطينية رغم ميل مصري لتصورات فتح وقيادتها ممثلة بأبي مازن

إن الأيام القليلة المقبلة ستبرز التناقضات الداخلية لحركة حماس وخصوصا إذا طال أمد سيطرتها على غزة. وإذا أرادت حماس أن تفوت الفرصة على أعدائها وتلملم خلافاتها الداخلية قبل أن تتفاقم فعلى قادتها السياسيين الاعتراف بالمأزق الذي وصلت إليه الأوضاع وعدم مقابلة اقتراح أبي مازن بتكوين حكومة طواريء برد ساذج وغريب وهو أن الحكومة ماضية في تسيير شؤونها وكأن شيئا لم يقع؟؟ إن الرد السياسي الناضج هو الاعتراف بخطورة الوضع والسعي لراب الصدع عن طريق الدعوة إلى انتخابات استثنائية محلية وتشريعية وإذا تأكدت حماس بأن الشعب ما زال معها رغم كل ما حصل فإن حكومة الطواريء ستكون حكومة مؤقتة وسيكون الشعب الفلسطيني هو الذي يختار حكومته من جديد.

لقد بينت الأحداث المؤسفة في غزة والضفة سذاجة الخطاب السياسي لحماس، فمشعل بدل أن يبكي دما على الأرواح المزهقة والمستوى السافل الذي وصل إليه الفلسطينيون تراه مبتسما في مؤتمره الصحفي بدمشق واثقا من نفسه يرسل نظرات من عل للحاضرين. ولم يتذكر الرجل الفاضل والرحيم سوى جونستون الرهينة الإنجليزي ليطالب بإطلاق سراحه؟؟؟ وعشرات القتلى يا سيد مشعل من لهم ليبكيهم؟ وهل السيد حونستون أولى من أولئك المساكين الضيع؟

ومن أغرب ما رايت أن السيد مشعل يعترف بشرعية عباس؟؟؟ بعد ان دخل مسلحوه إلى مؤسسات الدولة وعاثوا فيها فسادا وأعدموا وروعوا وقتلوا وسجنوا فأي شرعية تؤمن بها يا سيد مشعل؟ وهل يمكن للرئيس الفلسطيني أن يلتقي بك بعد هذا وانت ماض في تبريرك لما فعله مسلحوك بالشرعية والمؤسسات؟؟

تقدم لنا حماس تبريرا لما حدث :

تقول إن في فتح تيارا صهيونيا أمريكيا وجب الضرب على يديه لتنظيف البيت الداخلي. طيب لنفرض أن هذا الكلام صحيح فمن الذي لديه الحق في أن يصدر الحكم ؟ حماس ؟ أم مؤسسات الدولة الفلسطينية بما في ذلك المجلس التشريعي الذي تتغلب فيه حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية التي تضم فصائل متعددة بعضها على شقاق مع فتح بل وفتح نفسها والتي اوجع مشعل آذاننا بمجاملاته الفارغة بأن في فتح شرفاء ووطنيين. لماذا لم تستطع حماس وهي في الحكومة أن تقنع كل هذه المؤسسات الشرعية وتستصدر منها إذنا بالتعامل مع الخونة الأشرار والمتصهيننين ؟؟

طيب وإذا كان الرئيس الفلسطيني والذي يتودد له مشعل راضيا على الجنرال دحلان والذي هو في نظر حماس رأس الفتنة فهل يخرج مشعل للوضوح ويعلن حربه على مؤسسة الرئاسة أيضا؟ ما هذا التناقض المخجل للخطاب الحمساوي؟؟؟ تحارب دحلان وتتودد لولي نعمته؟

إن تعامل الرئيس الفلسطيني مع كل الأطراف من دحلان إلى مشعل وإشرافه على انتخابات نزيهة اوصلت حماس إلى الحكومة وإشرافه على حكومة الوحدة الوطنية وتحمله الواضح للحصار الدولي على الشعب الفلسطيني لدليل على أن الرجل وطني جامع ولهذا لا يمكن لحماس أن تنتظر من الرئيس الانخراط في مشروعها ضد دحلان كما أنه لم يثيت أنه متوافق مع دحلان في تصوره عن طبيعة التعامل مع حماس. طبعا قد يكون دحلان في هذه المرحلة مقربا لأسرائيل أي أن إسرائيل تفضله على غيره وقد يكون قريبا من إدارة بوش ولكن هذا لا يمكن أن يكون دليلا على لا وطنيته فقد نعت السيد ياسر عرفات بمثل هذه النعوت ولم تقصر حماس في التشهير به والغمز في وطنيته فقط لأنه اختار طريقا آخر لتحرير الأرض غير التي تراها حماس.

ترى ما الذي ستقوله حماس لو هجمت فتح على مقراتها متهمة مشعل مثلا بانه سوري الهوى وإيراني القبلة؟ الا يفهم الحمساويون أنهم حين يطبقون القانون بايديهم يسنون سنة خطيرة عليهم وزرها ووزر من عمل بها بحيث كلما قوي فصيل طبق القانون باسنة الحراب والعجيب أنهم بمقربة من دولة فيها كل التناقضات والاتجاهات ومع ذلك فإنها تحسم خلافاتها بالمؤسسات. إننا لا نتصور قطعا أن تقوم حرب اهلية في إسرائيل في الغد المنظور لأنها دولة مؤسسات ومهما عادينا إسرائيل في أيديولوجيتها وشرعية وجودها فإنها دولة تحترم مواطنها وهو ما فشل الفلسطينيون فيه.

 

الدكتور المصطفى تاج الدين، قسم الإنجليزية والترجمة جامعة ظفار، سلطنة عمان.

المصدر:

http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=1879




Palestine : Une feuille de route vers l’enfer

17062007

hamasfatahennemis.bmp

Par Angela Pascucci
« il manifesto » – Editorial de mercredi 13 juin 2007

Traduit de l’italien par Marie-Ange Patrizio

Palestine ne devait pas exister, et Palestine n’existera pas, parce que l’identité palestinienne a finalement été détruite, massacrée dans les corps et humiliée dans l’esprit. Peut-être que, pour elle aussi, on parlera d’une épave du 20ème siècle, et comme telle, à juste titre, balayée. Le feu dévorant fait rage à Gaza, nourri par de l’essence d’importation que la direction palestinienne, dans son ensemble, a bue avec avidité, parce que on ne lui a aussi jamais vraiment offert d’autres aliments alternatifs, plus propres, plus sains et justes, et que, dans le désert créé par l’injustice et l’isolement, ceux qui apportent des secours méritent gratitude et écoute.

Même si tôt ou tard, ils demanderont des comptes. Même si tôt ou tard arrivera, inévitable, l’effondrement de ce sens du « nous » qui avait permis à tout un peuple de se reconnaître dans « sa » diversité. Une altérité qui, si elle l’a condamné dans le monde arabe, lui a toujours permis de sauver son âme, dans les défaites infligées par une Histoire bâtie par d’autres où, depuis une certaine date, un peuple entier n’a plus été prévu.

D’autre part, comment ne pas qualifier de plaisanterie grotesque de l’Histoire, l’appel du « pharaon » égyptien Hosni Moubarak au peuple palestinien, pour qu’il descende dans la rue et demande la fin du massacre. Lui, président à vie d’une nation tenue sous le fouet, lui qui n’a certainement gagné honnêtement aucune élection, lui qui a fait des souffrances du peuple palestinien une marchandise d’échange avec Israël.

« C’est la guerre civile », « Vous voyez ? Les Palestiniens se massacrent entre eux ». Des gradins du cirque arrivent les commentaires de ceux qui ont soigneusement cultivé cette lacération, une feuille de route vers l’enfer bâtie au chevet de l’adversaire, une fresque de guerre trempée dans le désespoir et dans l’injustice. Et quelle satisfaction quand les Palestiniens, une fois de plus, ont montré qu’ils n‘étaient dignes d’aucune justice et quand, dans l’atmosphère empoisonnée des lieux sans issue, ils ont choisi, par voie démocratique, un parti aussi mal vu par leurs ennemis que par leurs généreux donateurs. Voilà, ont dit les belles âmes, eux aussi dans le tas du rebut intégriste.

Un affront, une ingratitude à punir durement, sans aucune pitié. Et sans aucune conscience de l’impressionnante similitude étalée désormais par tous les conflits que l’Occident a « pris à sa charge ». Vous parlez d’une exaltation et exaspération des identités… Dans cette boucherie de champ de bataille qu’est devenu le « Grand Moyen-Orient » rêvé par les Etats-Unis, et désormais amas de ruines, on en arrive à ne plus rien distinguer de projets, avenir, espoir, horizon partagé. Ce qui se déploie est un domaine barbare, un Grand Jeu de contrôle du territoire et de négation de l’autre.

Un châtiment grotesque de l’histoire est en cours dans cette réplique à l’infini du conflit originel, israélo-palestinien, plaie infectée qui ne pouvait générer que des mutilations irrécupérables à une capacité de cohabitation.

Mais ce qui fait le plus mal dans l’affrontement fratricide qui se consume dans les Territoires martyrisés par l’occupation israélienne, c’est la confirmation qu’on finit toujours, et de plusieurs manières, par ressembler à son propre ennemi, surtout quand celui-ci n’entend assumer aucune autre identité, car même ne serait-ce que la cohabitation, lui paraît être une défaite et une menace. Affronter un ennemi qui de jour en jour érode la terre où tu vis, menace ta survie, vit de ta peur, ne se sent rassuré que par ta faiblesse, ne peut qu’induire un bouleversement intérieur, une paralysie de l’âme.

Au bout du compte, n’importe quelle altercation, n’importe quel conflit, même celui avec ton frère, se transformera en défi mortel pour le contrôle de cette terre sur laquelle tu crois vouloir vivre et pour laquelle tu es prêt à tuer.

Aux chefs palestiniens ce qui leur échoit, quant aux responsabilités de cette guerre intestine, dernier clou au cercueil de l’état palestinien. Mais que personne ne se sente soulagé, parce que ce cercueil était prêt depuis longtemps.

Source: http://www.info-palestine.net/

 




Lire le Coran autrement ?

5062007

rachidbenzine.bmp

Par Rachid Benzine

Comment lire aujourd’hui le Coran ? La question peut ne pas se poser à ceux qui, musulmans pieux, bercés et nourris depuis leur enfance par la musique et par le contenu du Livre de Dieu, ont progressivement trouvé les chemins de leur vie spirituelle. Mais nous sommes dans un monde où toutes les croyances, toutes les pensées, tous les systèmes religieux comme toutes les idéologies sont soumis à l’épreuve d’une critique parfois rigoureuse. Comment, dès lors, faire une présentation actuelle du Coran qui réponde aux exigences des temps contemporains ? Comment aider à entrer dans l’univers coranique si difficile d’accès ceux qui, non-musulmans comme musulmans, sont désireux de mieux se saisir de ce texte de portée universelle et qui sont sensibles aux interrogations du monde moderne, notamment à celles que soulèvent les sciences humaines ?

Le Coran : un acte de communication

Le Coran, pour le croyant, est un message du Ciel vers la terre. C’est-à-dire qu’il constitue un acte de communication. Le processus de révélation qu’il représente permet de distinguer : 1) – un « émetteur » : le Seigneur qui parle ; 2) – un « récepteur » : en l’occurrence le Prophète Muhammad (la Paix et la Bénédiction soient sur lui) ; 3) – un code de communication : la langue arabe ; et 4) – un « canal » : la Révélation. Six éléments apparaissent, conformément à ce que permettent d’observer les théories de la communication : le Message (1), son « Expéditeur » divin (2), le destinataire (3), le « contact » que représente la Révélation (4), le code qui est constitué par la langue (5), et le contexte (6). Car le Coran se présente bien comme un Message envoyé par Dieu à Muhammad et, par lui, à toute l’humanité, à travers une Révélation qui s’est étendue sur vingt-deux ans, dans un contexte bien déterminé qui est celui de l’Arabie du VIIè siècle, dont la langue était l’arabe.

Le message coranique n’a pu être révélé que parce qu’il a été compris ! Comme tout texte, le discours coranique n’est pas explicite en lui-même. Pour être reçu, il lui fallait être décodé, interprété. Comme le soutient l’intellectuel égyptien Nasr Hamid Abû Zayd : « L’interprétation est l’autre face du texte ». En tant que message, le Coran est une sorte d’organisme vivant, qui véhicule des informations différentes d’un lecteur à l’autre, à la mesure de la compréhension de chacun. Selon la personnalité du lecteur ou de l’auditeur, selon les horizons culturel, historique ou social de celui-ci, l’information véhiculée va être perçue de manière différente. Pour le recevoir comme message pour son temps, chaque homme, ou chaque peuple, ou chaque époque, a besoin de faire sa propre interprétation du Coran. La réception d’un lecteur ou d’un auditeur du XXIè siècle ne peut pas être la même que celle d’un lecteur ou d’un auditeur du VIIè siècle.

Or il y a une illusion qui est entretenue en permanence par le discours dominant de tout un Islam qui se présente comme celui de la seule « orthodoxie » : l’illusion de croire que Coran ne pourrait pas faire l’objet d’interprétations multiples et évolutives en fonction des moments et des conditions de la réception du texte. Une seule lecture, une seule interprétation serait possible et acceptable : celle qui a été codifiée dans les écrits des savants du passé. Une interprétation qui traverserait les générations et les siècles, à laquelle il serait indispensable de se référer et dont on pourrait se contenter aujourd’hui.

Qui parle ? Le Coran ou bien ses lecteurs et interprètes ?

Ali ibn abû Talib, cousin et gendre du Prophète, quatrième des califes bien guidés, aurait affirmé un jour : « Le Coran ne parle pas de lui-même : ce sont les hommes qui le font parler ». Car nous sommes tous marqués, dans notre lecture, par notre temps, notre histoire, notre milieu. Nous entendons du texte ce qui nous parle. Toute lecture est marquée par nos préjugés. Quand nous affirmons : « Le Coran dit que… », n’est-ce pas d’abord nous qui disons que le Coran dit ceci ou cela ?… Et notre utilisation du texte coranique n’en dit-elle pas plus sur nous-mêmes que sur le message divin ? Car, la plupart du temps, nous faisons une lecture fragmentée du texte coranique, ou (et) une lecture intéressée ou « calculée » de celui-ci. Nous cherchons à prouver ceci ou cela, que nous croyons vrai, par le recours à tel ou tel verset du Coran. Utilisant ainsi le texte selon nos conceptions, voire selon nos intérêts, nous tendons parfois à « diviniser » notre lecture, tirant le texte à nous… au lieu de nous laisser tirer par lui ! Nos lectures du Coran sont ainsi idéologiques, qu’il s’agisse de nos lectures personnelles, ou des lectures « institutionnelles », celles des grandes universités islamiques ou des divers conseils d’oulémas de pays différents. Mais en agissant ainsi, nous faisons comme si nous pouvions prétendre détenir LE véritable sens du Coran. Nous nous donnons un droit de maîtrise sur la Parole de Dieu, l’enfermant dans nos représentations inévitablement étroites.

En France aujourd’hui, il est fréquent d’entendre, à l’occasion de conférences ou de discussions, des musulmans qui interviennent en parsemant leurs propos de citations coraniques qu’ils s’approprient pour les mettre au service de leurs opinions. Quand, de surcroît, les versets choisis sont cités en arabe, leurs propos se trouvent comme « absolutisés », et leurs auditeurs en sont anesthésiés. Trop de gens, malheureusement, sont ainsi tentés d’absolutiser leur propre pensée en utilisant à tout bout de champ des versets du Livre Saint qu’ils ont choisis de manière sélective, sortant ces versets de leur contexte et en méconnaissant l’unité profonde du texte coranique. L’un dira quand cela l’arrangera : « Nulle contrainte en religion ! » (Coran 2, 256), se gardant bien de citer ce verset dans son environnement, tandis qu’un autre, avec des intentions sans doute différentes, brandira des versets agressifs à l’égard des Juifs ou des Chrétiens, sans se soucier des conditions historiques de la descente de ces versets.

Avec ce type de fonctionnement, bien entendu, le texte coranique n’est pas considéré dans sa totalité, en tant que système de relations internes. Il est pris comme une suite d’unités isolées de la totalité. On méconnaît, alors, que le discours coranique est, comme le dit joliment le Professeur Mohamed Arkoun, « une orchestration à la fois musicale et sémantique de concepts-clés » et que le Coran doit probablement être approché d’abord à travers les thèmes dont il traite et qui parcourent tout son texte.

Même de « bonnes volontés » modernistes peuvent se laisser piéger par un certain « fondamentalisme textuel ». Des féministes musulmanes, par exemple, voulant se dégager des normes infantilisantes dans lesquelles d’aucuns les enferment à coup de versets coraniques, vont à leur tour tenter de passer par d’autres versets pour prouver le contraire. Elles privilégient certains versets, considérant que ces derniers peuvent contrôler la signification et l’interprétation de nombreux autres. La démarche est respectable, mais est-elle efficace ? N’est-ce pas adopter une attitude passive devant le texte pris comme un document figé, en faisant fi de l’interaction qui doit fonctionner entre celui-ci et son public d’auditeurs ou de lecteurs ? N’est-ce pas admettre sans esprit critique que les normes émanent systématiquement de l’intérieur du texte, et non pas des processus sociaux et historiques ? Plutôt que de déclarer de manière idéologique que le Coran prône l’égalité des sexes, ce qui ne correspond pas à la réalité, ne vaudrait-il pas mieux étudier le contexte dans lequel la Révélation de Dieu s’est déroulée, afin de comprendre comment celle-ci continue de se manifester avec efficacité dans notre histoire ? Au lieu de nier que des normes patriarcales apparaissent à maintes reprises tout au long du texte sacré, ne vaut-il pas mieux effectuer une exploration précise de comment elles se sont imposées dans les pratiques et les comportements des musulmans, afin de mieux pouvoir s’en libérer ? Pour faire évoluer leur condition, les femmes (comme tous les autres croyants) doivent apprendre à entrer en conversation profonde avec le texte sacré, plutôt que transposer sur celui-ci ce qu’elles aimeraient qu’il dise à leur place ! C’est cette interactivité qui leur donnera la force d’effectuer des transformations pour combattre le patriarcat et daller vers plus de justice et d’égalité. Sinon, au lieu de prendre leur place de « sujets communiquant », elles continueront à s’en remettre passivement au texte – sublimé cette fois-ci.

L’herméneutique : un chemin obligé

L’Islam abstrait et pur n’existe pas. Parce qu’il est dépendant – par l’interprétation comme par les pratiques – de ce que les gens en font, on peut affirmer que l’Islam « parfait », l’Islam situé en toute sécurité au-dessus des terrains accidentés de la géographie et de l’histoire n’existe pas ! De même l’Islam a-historique n’existe-t-il pas davantage : c’est toujours l’Islam pris à tel ou tel moment de l’histoire des hommes. Aussi conviendrait-il de cesser de faire cette distinction trompeuse entre « l’Islam » d’un côté et « les musulmans » de l’autre, comme s’il pouvait y avoir un Islam réel sans musulmans ! L’Islam est né au milieu des hommes que Dieu s’était choisis. Il a continué d’exister au sein d’une humanité multiple et contrastée. Il perdurera à travers ce que les hommes continueront d’en faire. L’Islam, c’est toujours l’Islam des gens, l’Islam de tel ou tel… Et en même temps, toutes les réalités et toutes les expériences humaines n’ont pas à être « islamisées ». Il ne convient pas de mettre l’Islam partout, car à trop le diluer, à trop vouloir « le mettre partout », il finit par n’être plus identifiable et par être nulle part…

Toute compréhension et appréhension de l’Islam passe par une démarche d’interprétation. L’herméneutique se révèle un chemin obligé. Mais le processus de lecture est, au vrai, toujours très complexe. Il y a des aspects psychologiques : dans quel état d’esprit, avec quelle activité mentale le lecteur aborde-t-il et comprend-il le texte ? Il y a des aspects ontologiques : quelles sont les possibilités et les conditions d’accès aux connaissances ? Des aspects scientifiques : quels sont la légitimité et le sérieux de la méthode utilisée ? Sociologiques : comment la culture, l’éducation, le milieu du lecteur affectent-ils sa manière d’interpréter le texte ? Existentiels : comment le lecteur ou l’auditeur s’interprète-t-il lui-même en se confrontant avec le texte ? Phénoménologiques : qu’est-ce qu’un texte, comment existe-t-il ou comment a-t-il été produit ? Théologiques enfin, en ce qui concerne le Coran : comment peut-on interpréter un texte qui est en communication avec Dieu ?

Toute interprétation, en tout cas, est le résultat d’une certaine relation entre le sujet qui interprète, l’objet (le texte) qui est interprété, et le contexte socioculturel et historique du moment de l’interprétation. De ce fait, il ne peut pas y avoir une interprétation unique d’un texte, une signification unique et vraie du Saint Coran comme peuvent le croire certains, mais il existe une multitude d’interprétations et de significations qui doivent pouvoir faire débat. On ne peut pas dire de manière absolue : « Voilà quel est le sens du texte coranique ! », car il y a une pluralité de sens, toujours liée aux moments de l’histoire, au contexte, à qui lit…

Quand on s’intéresse à l’histoire de la production des textes juridiques musulmans médiévaux, on s’aperçoit que les juristes pouvaient produire des verdicts apparemment contraires au sens explicite du Coran. Car les premiers savants de l’Islam considéraient que le contexte social particulier avait une grande importance, et ils lui accordaient une prépondérance décisive dans l’interprétation du texte en employant une herméneutique très sophistiquée. Ainsi, le fondateur de l’École hanafite, Abû Hanifa, ne voyait pas d’objection à ce que des non-musulmans pénètrent dans la Ville sainte de La Mecque. Pour lui, le passage coranique qui juge les polythéistes trop impurs pour entrer dans la mosquée sacrée ne devait s’appliquer qu’à la naissance de l’Islam, quand le sanctuaire avait dû être consacré.

Pour la mise en œuvre d’une véritable herméneutique coranique, il est nécessaire, tout d’abord, de comprendre le texte tel qu’il a pu être compris au moment de sa révélation. Cela demande que soient étudiées les croyances, les coutumes ou les institutions de la société qui a bénéficié de la délivrance du Message divin. Ensuite il convient de s’intéresser aux fondements du Coran lui-même, à ce qui constitue son unité fondamentale et fait de lui un point de vue déterminant sur la vie et sur le monde. Le lecteur-chercheur peut alors s’orienter vers le temps de la Révélation pour comprendre les réponses que le Coran a pu offrir aux problèmes dont souffrait la société. Puis il peut revenir au temps présent et s’interroger sur les enseignements que le Coran peut offrir au monde d’aujourd’hui.

Ne pas nous laisser envahir par le passé et sa répétition

Les musulmans d’aujourd’hui doivent également réfléchir sur la nature de la relation qu’ils entretiennent avec le passé. Car si le passé est le bienvenu pour éclairer le présent, il ne peut pas être, pour autant, le passage obligé pour ce qui est de prendre à bras le corps les réalités d’aujourd’hui. Or dans l’Islam contemporain on observe cette tentation permanente d’idéalisation du passé. Rien n’aurait jamais été mieux que le passé lointain et révolu ! Et il faudrait construire présent et futur dans la répétition de ce passé. Les musulmans actuels semblent avoir peur du présent et de l’avenir, et ils laissent croire qu’ils ne voient pas de salut autre que dans le retour à ce qui aurait existé. Si le présent est toujours critiqué, en revanche le passé se trouve en permanence justifié. Cela témoigne d’un grand manque de confiance en soi et dans les temps présents.

Le passé des musulmans, pourtant, ne constitue pas une « histoire sacrée » : c’est une partie de l’histoire de l’humanité, fondée d’abord sur des réalités économiques et politiques. Et si de grands savants nous ont laissé des trésors, ceux-ci n’en sont pas moins des produits de l’histoire, et il n’est pas interdit de faire un véritable travail critique sur ces oeuvres et d’apprendre à les dépasser. Car il doit être permis de s’interroger sur les conditions de production de ces travaux d’autrefois, de dévoiler les présupposés conscients ou inconscients des interprétations historiques de leurs auteurs et de démasquer les intérêts politiques, idéologiques ou financiers qui pouvaient être en jeu à l’époque et ont pu conditionner ces productions savantes.

Aucune génération ne doit se sentir l’otage des générations précédentes. Même les exégètes classiques ne se sont pas sentis liés irrévocablement au travail de ceux qui les avaient précédés ! Toute génération, finalement, se trouve confrontée à une alternative : soit reproduire servilement les significations voulues par les générations précédentes, soit s’approprier ces interprétations de façon critique et sélective, en vue d’interpréter aujourd’hui le texte coranique comme un élément de la tâche de construction du monde présent.

Le Coran n’est pas un manuel ou un livre technique. On ne doit pas davantage le prendre comme un texte passif. C’est un message qui se veut interactif, qui veut provoquer la réponse libre et joyeuse de celui qui entre en relation avec lui. Texte de communication de Dieu vers l’homme, il est aussi destiné à permettre la communication de l’homme vers Dieu. Il y a toujours une nouveauté du texte, liée aux nouveautés des conditions de sa réception ou de sa méditation.

Aucune lecture ne pourra jamais épuiser le « potentiel » de signification du Coran. Aucune ne peut prétendre avoir « clos » l’interprétation et arrêter la dynamique de signification du Livre Saint. L’interprétation du Coran, au vrai, est toujours devant nous. Elle est toujours dans ce que les croyants en feront dans leur dialogue silencieux avec leur Seigneur. Le défi de chaque génération de croyants consiste à découvrir son propre moment de révélation.

Source : Article publié le 24 septembre 2003 sur le site (http://www.oumma.com/spip.php?article715)

Rachid Benzine : Enseigne à l’IEP d’Aix en Provence dans le cadre du master Religion et Société. Il est l’auteur de « Les Nouveaux penseurs de l’Islam », Collection : « L’Islam des Lumières », Albin Michel Spiritualités. 2004.




غزة بين نار « المساومين » ونار « المقاومين »

3062007

Remarque:

Cet article, intitulé « Ghaza entre le feu des négociateurs et le feu des résistants » de Marwan Abou Charia, du camp de Jabaliya, traite la situation difficile des palestiniens de Ghaza. Il propose une lecture critique du paysage politique, idéologique, social.. Et loin de tout esprit victimaire, l’auteur met le doigt sur ce qui ne marche pas, sur les peurs, sur l’insécurité, sur les manipulations qui se font au nom de la religion et qui participent au maintien du chaos.. Il tente de poser des questions toutes simples et qui sont fort occultées et censurées par les pouvoirs en place: sur le bien fondée de la « résistance armée », sur la valeur de l’homme comparée à la valeur du sol, sur les intérêts des uns et des autres, sur l’instrumentalisation de la religion à des fins idéologiques et politiques,… Une traduction de cet article est prévue dans les semaines à venir ! Bonne lecture, et toutes mes excuses pour les francophones.

haniahetenfantmilitaris.bmp

بقلم: مروان ابو شريعة – مخيم جباليا

قبل فترة من الوقت كتب الناطق باسم الحكومة الفلسطينية السيد غازي حمد مقالا نشره في صحيفة الايام بعنوان  » ارحموا غزة »، ولقد فتح هذا المقال بابا من أبواب الخير كنا ظنناه قد أغلق أمام ما يغطي حياتنا من المنطق الديماغوجي، وديكتاتورية الغوغاء، وفوضى المفاهيم، ودخان الحزبية، وشهوة المزايدة، والقراءة الخاطئة للدين والواقع والتاريخ!.

 

نعم إنه باب الوقوف مع النفس ومحاسبتها.. نحن أبناء أمة وثقافة وعقيدة جعلت من « الاستغفار من الأخطاء والذنوب ومن لوم النفس » جعلت منه بابا من أبواب الفرج {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.

 

وقد أشار الأستاذ غازي حمد في مقاله المذكور إلى حالة العجز والفشل والانحطاط والذهول والضياع التي أصابت كل مفاصل حياتنا، وكان يستصرخ ويطلب الرحمة لقطاع غزة.

 

إلا أن السيد حمد توقف في مقالته عند النقطة الخطأ! وكان عليه أن يواصل المقالة، وأن يواصل جرأته وشجاعته، ويحدد بصورة شجاعة لا تقبل اللبس: من هو المطالب بأن يرحم غزة؟! وبكلمات أخرى: من هو الذي يقسو على غزة؟ ومن هو الذي غيّب شعب غزة عن أجندته وبرامجه وسياساته؟.. هل هو الاحتلال وحده؟ .. هل هي ما عرف « بفصائل المقاومة »؟.. هل هي ما يمكن أن نطلق عليه « قوى المساومة »؟.. هل هي السلطة برأسيها « عباس وهنية وكافة مؤسساتها « ؟..

 

نعم.. بكل شجاعة وجرأة يجب أن يحدد نصيب كل واحد من هؤلاء؛ ومدى مسئوليته عن « حالة الانحطاط والفشل » التي تتغلغل في مفاصل حياتنا.. إذ لا وقت للمجاملة؛ فنحن على أبواب نكبة؟!.. وهي بالفعل نكبة بكل المعاني؟!؟!.

 

في سنة 1948 ضاعت فلسطين الوطن؛ حيث طرد الفلسطينيون البسطاء المساكين من بيوتهم ومزارعهم بعد أن وضعوا آمالهم على أكتاف ليست أهلاً لها..

 

وفي هذا العام 2006 يضيع المواطنون الفلسطينيون في نكبة جديدة تحت سطوة الظلم والفساد والحرمان والانقسامات والفقر والجهل وفقدان الأمن والفوضى.. بعد أن وضعوا آمالهم، مرة أخرى، على أكتاف ليست أهلا لها!!.

 

نعم.. إن الحقيقة مرة، ومرة جدا.. نحن أمام مأساة.. وأمام نكبة.. وأمام خيبة أمل لا يمكن إخفاؤها من الساسة الكذّابين الذين يُسَوِّقون « الهزيمة » على شعوبهم على أنها « انتصار » {إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب}.

 

علينا أن نعترف ونقول أن المشروع الصهيوني قد حقق إنجازين مهمين في العقد الأخير: الأول عام 1993 عندما أقام سلطة الحكم الذاتي، التي أراحت الاحتلال وأعفته من مسؤولياته المدنية تجاه السكان، وهي سلطة منزوعة السيادة ومسلوبة الإرادة، لا حول لها ولا قوة إن يسْلُبها الذباب شيئا لا تستنقذه.

 

أما الانتصار الثاني للمشروع الصهيوني فقد تمثل في: « استدراج » حركة حماس التي كانت تمثل أمل كبير للأمة وللشعب والقضية، وهي التي عارضت نكبة أوسلو وبكل ضراوة، إلى ذات المربع الذي تتحكم إسرائيل بكل خيوطه!.

 

 

وبالمناسبة؛ فإننا لسنا ضد خوض حماس للانتخابات التشريعية؛ لكن الخطأ الذي وقعت فيه حماس هو الأساس الذي تمت بناء عليه المشاركة، حيث اعتبرتها سلطة وطنية ذات سيادة، وكان يجب أن تكون المشاركة على أساس « عدم الاعتراف بوطنية وشرعية وسيادية السلطة » وإنما وضعها في سياقها وإطارها الصحيح فهي « سلطة حكم ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية »، وفي أحسن أحوالها لا تعدو كونها « أداة » لخدمة الفلسطينيين في حياتهم المدنية!.

 

إن هذا الاجتهاد أشبه ما يكون باجتهاد الحركة الإسلامية داخل أراضي العام 1948 بدخول انتخابات السلطات المحلية العربية (وبالمناسبة فإن المجالس المحلية العربية داخل أراضي 1948 هي أكثر حصانة مما يسمى « بالسلطة الفلسطينية »).

 

إن السيادة القانونية والسياسية للسلطة الفلسطينية في سيادتها على الأرض والإنسان لا تزيد كثيرا عن تلك التي تمتعت بها روابط القرى التي طرحت،في حينه، على مصطفى دودين في الضفة الغربية بعد اتفاقية كامب ديفيد!.

 

من المؤسف أن حماس بعد فوزها بالانتخابات لم تكتفِ بوصف سلطة الحكم الذاتي بـ « الوطنية » و »الشرعية » بل اعتبرها كثير من خطباء حماس بأنها « نواة » للخلافة الراشدة!!.

 

ومكمن الخطورة في الأمر:أن تلتصق صورة الحكم الإسلامي في أذهان الناس بما هو واقع في دنياهم من فقر ومرض وانعدام للأمن وتفش للأمراض الاجتماعية والأخلاقية.

 

 

إن على قيادة حماس أن تدرك أن « مصلحة الإسلام » لا يمكن قياسها بوجود « حزب » ما أو « شخص » ما في الحكم، وإنما تقاس بمدى تحقق « مقاصد الشريعة » في المجتمع من حفظٍ للنفس والدين والمال والعرض والعقل وما يترتب عليه من سيادة الأمن الاجتماعي والأخلاقي والرفاهية والعفة والعلم و العزة والكرامة والسيادة و العدالة.

 

 

والآن فلنعد مرة أخرى إلى السؤال الذي طرحناه في مطلع هذا المقال: من الذي كان وما زال يقسو على غزة؟.

 

نحن هنا لن نتحدث عن « قوى المساومة » داخل المجتمع الفلسطيني؛ فلدينا اعتقادٌ أن بطاقة ال VIP في جيب أحدهم أكبر من فلسطين من نهرها إلى بحرها، طالما أن هذه البطاقة تفتح له السدود والحدود الإسرائيلية التي يموت عليها الفلسطينيون والفلسطينيات آناء الليل وأطراف النهار!.

 

وكذلك لا نريد الحديث عن الاحتلال لأنه محل سباب الخائنين قبل الصالحين!.

 

 

لا نريد الحديث عن « دور السلطة »، بكل هيئاتها، لأن ذلك يحتاج إلى حديث طويل ودقيق، ولأننا نعتقد أن أزمة الحكومة الفلسطينية هي في أحد جوانبها، انعكاس لأزمة حركة حماس، وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة طويلة؛ بل وطويلة جدا، من كل المخلصين للحركة الإسلامية لـ » إعادة قراءة التجربة » من جديد على قاعدة أن الاعتراف بالخطأ خير من التمادي فيه، وإننا نعتبر أن إعادة قراءة تجربة حركة حماس هي « دينٌ » معلق في رقاب كل الغيورين على مصلحة الإسلام وفلسطين.

 

 

لكنا في هذا المقال نود أن نتحدث عن قسوة ما عرف بـ « قوي المقاومة » على غزة وشعب غزة، وقبل أن نتناول « مظاهر » القسوة هذه من قِبَل « فصائل المقاومة » (ونستشهد بكثير من الأمثلة الحية التي تؤكد غياب الشعب عن أجندة هذه الفصائل!) نود نطرح مجموعة من الأسئلة التي نعتقد أنها عميقة وعميقة جداً، وأن عدم امتلاك « قوى المقاومة » لإجابات على هذه الأسئلة؛ كان سبباً في انحراف هذه التنظيمات، وهو الانحراف الذي سنقوم بتوصيفه فيما بعد. وهذه الأسئلة هي:

 

 

- بعد خمسة أعوام من الصبر والتضحية والجهاد.. أين كنا؟ أين أصبحنا الآن؟ وأين سنكون غدا؟!

 

- هل المقاومة هدف في حد ذاته.. « هدف مقدس لا يجوز الاقتراب منه ».. أم أنها وسيلة تكتسب شرعيتها من خلال ما « تنجزه » للوطن والمواطن؟

 

- أيّهما أهم، من وجهة نظر الشريعة الإسلامية ومقاصدها: الوطن أم المواطن؟.. فهل يجوز ،مثلا، التضحية بالإنسان الفلسطيني (حياته، أمنه وكرامته) من أجل « الوطن » فلسطين، أم أن العكس صحيح؟ أقصد أن حفظ الإنسان الفلسطيني شرط لحفظ فلسطين؟!.

 

- أين يقع الفلسطينيون من مشروع تحرير فلسطين؟ وما هو القدْر الذي يجب أن يتحملوه من تكاليف هذا المشروع؟

 

وهل يجوز، مثلا، أن يُسحق الفلسطينيون وأن يعايشوا، لعشرات السنين، كل أصناف الموت والإهانة والذل وحدهم؟ وذلك نتيجة لحالة من الانحطاط الحضاري الذي يضرب مفاصل الأمة العربية والإسلامية منذ عشرات السنين.

 

- ما هي مقومات وآفاق المقاومة في فلسطين بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وبناء الجدار في الضفة الغربية؟

 

- إلى أي مدى يُعتبر شعار « يدٌ تبني ويدٌ تقاوم » ( والذي طرحته حركة حماس) منطقيا؟. وهل يمكن الجمع بين  » السلطة  » و »المقاومة »؟!

 

 

هذه الأسئلة كثيرة وموجعة، ولا نرى، للأسف، أن  » قوى المقاومة » توقفت عندها، بل إننا نعتقد أن « عدم التوقف » عند هذه الأسئلة كان سببا لما أصاب غزة، وما سيصيبها، في الأيام والأسابيع والشهور القادمة؟!.

 

 

إن غزة جديرة وتستحق الرحمة.. غزة التي أعطت.. وجادت.. وعطفت.. وآوت.. وجاهدت وعُذبت.. وصبرت؛ تستحق الرحمة.

 

لكن هذه الرحمة لن تأتي من الاحتلال، ولا من « المساومين المقامرين »، لكنها تستحق الرحمة من « نار » بعض المقاومين، الذين « ضل » سعيهم في الحياة الدنيا وهم « يعلمون » أنهم لا يحسنون صنعا!.

 

 

إن التنظيمات المسلحة، وللأسف الشديد، هي من أسّس لكثير من مظاهر الخراب الذي يعيشه الإنسان الفلسطيني اليوم..

 

فهي التي روّجت للسلاح في أيدي العائلات!..

 

وهي أول من اعتدى على الممتلكات العامة!!..

 

وهي أول من قتل العشرات من أبناء شعبنا في عمليات فاشلة، وفاشلة جدا؛ دون رقيبٍ أو حسيب!!!..

 

وهي أول من تحلل من أي ضابط فكري أو أخلاقي.. مثلها في ذلك مثل القبائل!.

 

وللمتأمل أن يرى هذه الحقيقة المُرة في قواعد وعناصر هذه التنظيمات، كيف تتضخم لديهم الأخلاق الحزبية والقبلية و الذاتية على حساب القيم الوطنية والأخلاقية.. وهذا يعود إلى « المنهل » الذي يتربى عليه وينتهل منه هؤلاء الشبان!.

 

فهذه التنظيمات لا يهمها، مثلا، الممتلكات العامة والنظام والنظافة وحرمة المجتمع.. وكل ما يهمها هو ألا يقع مسٌ مباشر بالقبيلة الحزبية!.

 

فهل هناك من مظاهرة واحدة قام بها تنظيم سياسي للتنديد بالسطو على الأراضي الحكومية مثلا؟!

 

هل هناك مسيرة واحدة قام بها تنظيم سياسي للتنديد بالفساد المالي؟

 

وهل هناك مظاهرة واحدة قام بها تنظيم سياسي للتنديد بقتل « الأبرياء » في كل أنحاء هذا الوطن؟.

 

لكن في المقابل نستطيع أن نذكر « عشرات » المظاهرات و »مئات » المهرجانات و »آلاف » الفعاليات التي تحشد لها الأحزاب (الدينية منها والعلمانية) من أجل قضايا تمس الحزب بشكل مباشر! .

 

 

أليست التنظيمات نفسها، وعلى رأسها حماس وفتح (لن نذكر التنظيمات الصغيرة فبعضها يدور في فلك حماس وآخر في فلك فتح، ورابع يجاريهما) هي من بدأ الاستعراضات المسلحة و مهرجانات الانتصارات « الوهمية » في الشوارع و الساحات.. التنظيمات بدأت بحمل السلاح في الشوارع قبل العائلات؟ وهي أول من لوّث الجدران وشوّه واجهات البيوت والمحلات والمدارس والمستشفيات بالشعارات الفارغة من أيّ مضمون؟.. حماس و فتح وبقية التنظيمات هي من أسس لثقافة إغلاق الشوارع لإقامة المهرجانات، وهي التي ملأت الشوارع و أعمدة الكهرباء ( وحتى أروقة المساجد والمآذن) بالأعلام و الرايات، حتى المساجد تحولت إلى مقرات حزبية!. التنظيمات هي التي أسّست لكل العادات السيئة في هذا الوطن المنكوب بثقافة وممارسات نخبه السياسية و الحزبية. وهي من بدأ « بتسليح » العائلات والإستقواء بها في فرض سطوته و جبروته على البلد ومجمل حياة الناس.

 

 

ثم ماذا عن هذه « الصواريخ » التي تطلق بسبب وبدون سبب،.. الأمر الذي شكل ذريعة لعشرات الاجتياحات الإسرائيلية، وتسبب في « الخراب » الهائل الذي لحق بمزارع المواطنين الفقراء، وانقطاع رزقهم واستشهاد عشرات العشرات من الأبرياء المظلومين، دون أن تكلف قيادات التنظيمات نفسها ولو لمرة واحدة بإجراء عملية جرد ومراجعة لـ »جدوى » هذه الصواريخ، ولـ « الثمن » الذي ندفعه جراء إطلاقها..

 

ومن الذي يدفع هذا الثمن، هل هو التنظيم الذي قام بإطلاق الصاروخ؟! أم هو العائلة الفقيرة المستورة التي تم إطلاق الصاروخ من جوار منزلها أو تلك التي سقط الصاروخ في فناء بيتها أو مزرعتها؟! .

 

 

إلى أي منطق؛ فقهي أو وطني، كانت تحتكم تلك التنظيمات، الكبيرة والصغيرة منها على حد السواء، عندما تطلق القذائف باتجاه المعابر؟! وتُرسل مقاتلين متخفين بين طوابير العمال السارحين في جوف الليل إلى أماكن عملهم!. أو عندما يُرسل « استشهاديٌ » على هيئة مريض في سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة تنقل مرضانا الذين  » تعذّر » علاجهم في مستشفياتنا إلى المستشفيات الإسرائيلية؟. لم يكن احد من الناس يقوى على الكلام، خشية أن يتهم في دينه أو عمالته للاحتلال، كان على هذه الجموع من العمال والمزارعين وهذه الحشود من البسطاء، المسحوقين، الهائمين على وجوهم، أن تخرس والا فهي خارجة من الدين والملة ومارقة من الوطنية (كانت هذه رسالة حماس و فتح و الجهاد من خلال خطباء المساجد والشعارات على الجدران و مكبرات الصوت التي تصدح في الشوارع ليل نهار).

 

لم يحدث أن اتفقت التنظيمات المحترمة، ولو لمرة واحدة، بالمطالبة بنزع سلاح العائلات، وان توضع كل ضوابط الأرض لمنع ظهور المسلحين في الشوارع، ومحاسبة كل من يحمل السلاح ووضعه تحت طائلة العذاب الصارم- لا فرق بين مقاوم وبلطجي- وبدون رحمة لأحد.

 

من المؤسف القول بان التنظيمات في كثير من الحالات أصبحت وبالا على شعبنا، جُلّ همها كيف تحشد الأتباع و الأنصار وتأخذ العهد منهم على  » السمع والطاعة »، وتكرس لديهم الولاء للحزب بما يفوق الولاء لله أو الوطن، والكفر بالتنظيمات المنافسة.

 

 

كيف يمكننا اليوم أن نقيّم الكثير من العمليات التي تمت آنذاك إلا من باب  » التزاحم بين التنظيمات على السلطة ». التنظيمات الفلسطينية للأسف تبدو في مواقف كثيرة أنها المستفيد من حالة الفقر والبطالة والجهل وكأن سر قوتها في احد جوانبه يكمن في تدني ثقافة عناصرها أو حاجتهم للمال.

 

كم هي الأموال التي تم صرفها لشراء قماش اللافتات والأعلام حتى تحول الوطن إلى سوق لبيع قماش للعشائر الحزبية، ثم باسم من جرى جمع هذه الأموال التي صرفت لتشويه الجدران ؟

 

 

لقد رأى الجميع عناصر التنظيمات براياتهم المتنوعة في مدخل مستشفى الشفاء وأمام ثلاجة الموتى أثناء الاجتياح الإسرائيلي لمنطقة العطاطرة (شمال غزة) في انتظار جثة شهيد ( طفل، رضيع في حضن أمه، رجل مسن، امرأة كانت تبيع الخضرة على حمارها ) لتلفه برايتها و تدمغه بختمها وتضيفه إلى سجل منجزاتها وشهدائها في معركة التحرير!..

 

 

لقد عانى هذا الوطن الكثير.. من « السياسي الخائن ».. ومن « المثقف المهزوم ».. ومن « الكاتب الذي يقبض ثمن المديح وثمن الهجاء »؛ لكن ما نخشاه اليوم هو ظاهرة  » المسلح المأجور »، الذي يطلق في كل الجهات، ولحساب كل الجهات.

 

 

لا يستطيع احد من « جميع » التنظيمات « التهرب » من المسئولية تجاه هذه الظاهرة التي أصبحت تهدد حاضرنا ومستقبلنا، وسنكتشف وقتها كم هو « عبثي » و « مبتذل » الحديث عن  » الثوابت الوطنية »، فيما السكين تسرق أرواحنا وتغور بين لحمنا وعظمنا ونحن فاقدو القدرة على تحسسها.

 

وفي الختام: إن مصائب كثيرة وكثيرة جدا حَلَّت، عشرات الأشخاص قتلوا بدم بارد في شجارات عائلية وجنائية وسياسية، آلاف العمال والمزارعين لا احد يعرف أين ذهبوا.. ماذا يأكلون.. ماذا يلبسون.. ماذا يتسحرون.. ماذا يفطرون، عشرات الآلاف من تلاميذ المدارس لا زال الغبار يتراكم على مقاعد دروسهم، ألاف الدونمات تم تجريفها. وإننا نعتقد جازمين أن أطرافا عديدة يجب أن تُسأل عن جرائمها وعن عجزها وفشلها وتقصيرها!




Bonne fête maman !

1062007

bonneftemaman.bmp

Ma petite fille de quatre ans, comme toutes les petites filles du monde, prépare avec amour la fête des mères (3/06/2007).

Il y a un an déjà, jour pour jour, elle est rentrée de l’école avec un petit cœur d’amour sur lequel était inscrit une chanson de H. Dès :

Je t’apporte maman

Une petite fleur des champs

C’est la surprise

Que j’ai promise,

Une marguerite

Toute petite.

Je t’apporte maman

Une petite fleur des champs.

C’est pas une rose,

C’est pas grand chose,

Une marguerite

Toute petite.

Je t’apporte maman,

Une petite fleur des champs.

Aujourd’hui, elle est rentrée de l’école avec un autre mot d’amour dans la main droite et un dessin de jonquilles dans la main gauche à cette même occasion, heureuse et folle de joie:

Des milliers d’étoiles dans le ciel,

Des milliers d’oiseaux dans les arbres,

Des milliers de fleurs au jardin,

Des milliers d’abeilles sur les fleurs,

Des milliers de coquillages sur les plages,

Des milliers de poissons dans les mers,

Et seulement, seulement une maman !

A cette occasion, et à mon tour, je souhaite une bonne « fête des mères » à toutes les mamans de la Terre, une fête pleine d’amour et de joie !

En particulier :

Bonne fête à ma mère,

Bonne fête à ma femme

Et bonne fête à ma belle-mère !







rednoize propaganda |
La vie d'une copropriété |
DES BOUTS DE NOUS... |
Unblog.fr | Annuaire | Signaler un abus | humanisons la terre
| boit du rouge, broie du noir
| A la Recherche de Soi